أنبياء بني إسرائيل التي من جملتها الزبور.
والحاصل أن الله سبحانه يتفضل على عباده بما يشاء، والفضل بيده، من شاء أعطاه، ومن شاء منعه.
وليس لنا أن ننكر إلا ما أنكرته الشريعة المطهرة. فمن جاء بما يخالفها دفعناه ومنعناه.
وأما مجرد استبعاد أن يهب الله سبحانه لبعض عباده أمرا عظيما ويعطيه ما تتقاصر عنه قوى غيره من المنح الجليلة، والتفضلات الجزيلة فليس مرادات المتصفين بالإنصاف. وكثيرا ما ترى الجبان إذا حكيت له أفعال الأفراد من أهل الشجاعة من مقارعة الأبطال، وملابسة الأهوال ومنازلة العدد الكثير من الرجال يستبعد عقله ذلك ويضيق ذهنه عن تصوره ويظنه باطلا، ولا سبب لذلك إلا أن غريزته المجبولة على الجبن الخالع تقصر عن أقل قليل من ذلك وتعجز عن الملابسة لأحقر منه.
وهكذا البخيل إذا سمع ما يحكى عن الأجواد من الجود بالموجود والسماحة بالكثير الذي تشح نفوس من لم يهب الله له غريزة الكرم المحمودة بعشر معشاره ظن أن تلك الحكايات من كذب الوراقين ومن مخرقة الممخرقين وهكذا من قل حظه من المعارف العليمة، وقصر فهمه عن إدراك الفنون المتنوعة استبعد عقله، ونبا فهمه عن قبول ما منح الله به أكابر علماء هذه الأمة من التوسع في المعارف والاستكثار من العلوم المختلفة وفهمها كما ينبغي، وحفظها حق الحفظ، والتصرف الكامل في كل ما يرد عليه منها فيورده موارده، ويصدره مصادره.
Page 245