استغلال الرأي العام الأوروبي لحمل البابا وفرديناند على القيام ببعض الإصلاحات.
رابعا:
إظهار بيمونته في جميع المواقف بمظهر المكافح عن إيطالية جميعها أو الأحرى حمل الدول على اعتبار بيمونته ممثلة إيطالية وزعيمة حركتها.
وكان يتوقف بلوغ هذه الأهداف - قبل كل شيء - على معاضدة فرنسة وإنجلترة لها.
وكان بالمرستون يعطف على الآمال الإيطالية كل العطف؛ شأنه في كل حين، وقد قابل الأحرار الطليان عودته للحكم في نهاية 1852 بحماسة شديدة، وكان كرهه للنمسة وصلته بلويس نابليون ورغبته في شمول الحكم الدستوري جميع أنحاء القارة؛ ذلك كله أوشك أن يحفزه على إعارة قوة إنجلترة المسلحة لبيمونته.
ولكنه لم يكن طليق اليد والبلاط الإنجليزي كان يضع العراقيل أمام سياسته الجريئة، فضلا عن أنه لم يكن وزيرا للخارجية فإنه يعلم أن بلاده لم توافق على خوض غمار حرب ضد النمسة في سبيل حرية إيطالية، وذلك لا يمنع كون الرأي العام الإنجليزي رفع صوته عاليا بتشويق من جمعية محبي إيطالية في استنكار الاستبداد الجاري في روما ونابولي، حتى إن هدسن السفير البريطاني في تورينو كان يستخدم نفوذه الواسع في مصلحة الحكومة البيمونتية، وقد قررت الحكومة الإنجليزية أن تضغط على فرديناند والبابا باذلة في ذلك كل نفوذها.
أما عطف فرنسة على القضية الإيطالية فلم يكن أقل من عطف الإنجليز، وقد وضع الإمبراطور منذ مدة طويلة نصب عينيه إقصاء النمسويين عن إيطالية، ومنذ حدوث الانقلاب الحكومي الذي أصعده إلى منصة الإمبراطورية توقع حلول اليوم الذي يزحف فيه جيشه نحو بيمونته، ولكن الحرب في الشرق جعلت التحالف مع النمسة في ذلك الحين أمرا لا بد منه.
بيد أنه في إبان حروب القريم هدد النمسة وبروسية بسحب قواته وإرسالها إلى نهر الراين ونهر بو فيما إذا تخلتا عنه، وحين كانت سياسته ترمي إلى مصادقة النمسة كان يأمل أن يقنعها بسحب قواتها من الروماني وترك بارمه لبيمونته حتى بلغ به التفاؤل أن ظن بأنها توافق على التخلي عن ممتلكاتها الإيطالية؛ لقاء حصولها على الإمارات الدانوبية.
ثم إنه كان لا يريد أن يقوم بعمل يغضب البابا؛ اجتنابا لخصومة الكاثوليك الإفرنسيين، إلا أنه كان يمقت فرديناند ويندد بأعماله الاستبدادية، حتى إنه ساهم في الدسائس التي حيكت لنصب ابن عمته لوسيان مورات ملكا على نابولي.
لقد علق كافور في مفتتح عهد المؤتمر آمالا كبيرة على ما لقيه من تشجيع الإمبراطور والمندوبين الإنجليز في المؤتمر وأمل أن يضم بارمه أو ماسة كرارة إلى بيمونته، وأن يرى الروماني دولة مستقلة وملحقة بطوسكانه أو بندقية بارمه، وحين أدرك أن تصلب النمسة العنيد سوف يقضي على مشاريعه؛ اضطر إلى تعديل سياسته، فقدم مذكرة إلى السفير الإفرنسي والإنجليزي اقترح فيها منح مقاطعتي الروماني والمارك حكما ذاتيا تحت سيادة البابا، على أن تتمتعا بنوع من التمثيل الدستوري.
Page inconnue