ما شاع ولم يثبت في السيرة النبوية
ما شاع ولم يثبت في السيرة النبوية
Maison d'édition
دَارُ طَيبة
Genres
تخذيل نعيم بن مسعود للأحزاب
ومن أشهر حوادث هذه الغزوة (الأحزاب) ما ذكره ابن إسحاق من تخذيل نُعيم بن مسعود الغطفاني للأحزاب وذلك أنه أسلم ولم يعلم قومه بذلك، وقوله للرسول ﷺ فمرني بما شئت، فقال رسول الله ﷺ: "إنما أنت فينا رجل واحد، فخذّلْ عنا إن استطعت، فإن الحرب خدعة"، وأنه أتى بني قُريظة وخوّفهم من انسحاب قريش وغطفان وباقي الأحزاب، وأشار عليهم أن يأخذوا رهنًا من أشراف قريش يكونوا بأيديهم، فقالوا له لقد أشرت بالرأي، ثم ذهابه لقريش وأخبرهم أن يهود بني قريظة قد ندموا على نقض العهد، وأنهم قد عرضوا على محمَّد ﷺ إن كان يُرضيه أن يأخذوا له رجالًا من أشراف قريش وغطفان حتى يضرب رقابهم. وحذرهم من أن يسلِّموا رجلًا منهم رهينة عند يهود، ثم أتى غطفان وحذّرهم كما حذر قريشًا. وكيف أن ذلك كان سببًا لاختلاف الأحزاب وتفرقهم (١).
قال الشيخ الألباني في تخريجه لأحاديث (فقه السيرة): "ذكر هذه القصة ابن إسحاق بدون إسناد وعنه ابن هشام (٢/ ١٩٣ - ١٩٤) لكن قوله ﷺ: "الحرب خدعة "صحيح متواتر عنه ﷺ رواه الشيخان من حديث جابر وأبي هريرة وغيرهما (٢) ". وقال الدكتور العمري: "هذه الروايات لا تثبت من الناحية الحديثة ولكنها اشتهرت في كتب السيرة (٣) ".ا. هـ.
أما الذي صرف الأحزاب فقد أوضحه الحق ﵎ بقوله سبحانه: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَاءَتْكُمْ جُنُودٌ فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا وَجُنُودًا لَمْ تَرَوْهَا وَكَانَ اللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرًا﴾ (٤) فالذي صرفهم
(١) انظر الروض الأنف (٦/ ٢٧٧ - ٢٨٠). (٢) فقه السيرة. ص ٣٠٧. (٣) السيرة النبوية الصحيحة (٢/ ٤٣٠). (٤) سورة الأحزاب الآية (٩).
1 / 170