Welcoming Ramadan by Muslims
استقبال المسلمين لرمضان
Maison d'édition
مجلة الجامعة الإسلامية
Numéro d'édition
السنة الثامنة (العدد الثاني) ١٣٩٥هـ ١٩٧٥م
Genres
فإذ انتقل من الدنيا لازمته التقوى وساقته إلى أقصى غايته وأمانيه ابتداء من المحشر فيساق إلى الجنة: ﴿وَسِيقَ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ إِلَى الْجَنَّةِ زُمَرًا حَتَّى إِذَا جَاءُوهَا وَفُتِحَتْ أَبْوَابُهَا وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا سَلامٌ عَلَيْكُمْ طِبْتُمْ فَادْخُلُوهَا خَالِدِينَ﴾ . وبعد دخولهم الجنة تأتي التقوى فتحلهم مقاما أمينا: ﴿إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي مَقَامٍ أَمِينٍ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ﴾ ثم تنزلهم منزلة عزٍ لا يتطلعون إلى غيره: ﴿إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَنَهَرٍ. فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ عِنْدَ مَلِيكٍ مُقْتَدِرٍ﴾ .
وصدق الشاعر في قوله:
ولست أرى السعادة جمع مال ... ولكن التقي هو السعيد
وتقوى الله خير الزاد ذخرا ... وعند الله للأتقى مزيد
ومن نعم الله على هذه الأمة أن يجعل ذلك لنا في الصوم. وجعله جُنة نتقي بها كل ما نخشاه وننال بها كل ما نتمناه وصدق رسول الله ﷺ: "الصوم جُنة" كما في صحيح البخاري ﵀ عن أبي هريرة ﵁ قال: قال رسول الله ﷺ: "الصيام جنة فإذا كان يوم صوم أحدكم فلا يرفث ولا يجهل وإن امرؤ قاتله أو شاتمه فليقل إني صائم مرتين ... " إلى آخر الحديث. وعند النسائي: "الصوم جنة ما لم يخرقها". زاد في الأوسط: قيل بم يخرقها؟ قال: "بكذب أو غيبة". ولعل هذا إشارة إلى الكف عن جميع المعاصي كما نبه عليه حديث: "من لم يدع قول الزور والعمل به فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه". وهنا في جُنة الصائم لم يطالب بترك الزور والعمل به فحسب لأن ذلك مطالب به في كل وقت. ولكنه طولب بترك ما هو له من حق الرد على المعتدي وإسكاته والانتصار لنفسه فإن شاتمه أحد يترك حق الرد عليه وإن كان حقا له ومباحا له إلا أن حق الصيام مقدم وأثر الصوم له فعاليته فكما ترك الطعام والشراب وغيرهما المباحين ومحض حلال له فكذلك يترك حق الرد على من سبه أو شتمه أو قاتله ويرد عليه بقوله: "إني صائم" أن ممسك عن ذلك وفيه وقاية من مجاراة السفهاء والمعتدين لأن الصائم إنسان مثالي ومسلم مسالم بجميع جوارحه لأن التقوى تملأ قلبه فيفيض إخلاصا ومحبة وخشية وخشوعا، ويطهر من الحقد والحسد، والتقوى ستظهر في منطوق لسانه فيكف عن الكذب والغيبة وعن المسابة والمشاتمة بل وعن الرد على من يسبه أو يشتمه..ويقابل الإساءة بالإحسان: "إني صائم". ومثله العين
1 / 33