Au milieu des cloches du danger
وسط أجراس الخطر
Genres
استدار رينمارك بقلب مفطور واتجه إلى حقل التهلكة. لم يجد أي قتيل أو جريح من القوات الكندية. ثم توجه إلى الغابة فوجد عدة جثث مستلقية حيث خرت، لكنها كلها كانت جثث غرباء. فحتى في الظلام الحالك، لم يجد رينمارك صعوبة في تمييز زي المتطوعين الموحد الذي كان يعرفه جيدا. سار نحو مسكن آل هوارد راجيا أن يسمع صوت الفتى، وإن كان رجاء ممزوجا بالخوف من أن يسمع صوت الفتى الهارب من الجندية. كان الصمت المطبق يخيم على محيط المنزل، مع أن ضوءا داخله كان ساطعا عبر نافذة علوية وعبر نافذة سفلية أيضا. توقف عند البوابة وهو لا يدري ماذا عساه يفعل. كان واضحا أن الفتى لم يكن هناك، لكن رينمارك ظل متحيرا حيال إيجاد طريقة يلتقي بها الأب أو الأخ دون أن يزعج مارجريت أو أمها. وبينما كان واقفا هناك، فتح الباب وأبصر السيدة بارتليت ومارجريت واقفتين في الضوء. فابتعد عن البوابة وسمع المرأة العجوز تقول: «أوه، ستكون بخير في الصباح بعدما خلدت الآن إلى نوم هانئ. من الأفضل ألا تزعجي نومها الليلة. كل ما في الأمر أنها مصابة بتوتر وذعر من إطلاق النيران الرهيب. وقد انتهى كل شيء تماما الآن، حمدا للرب. تصبحين على خير يا مارجريت.»
خرجت المرأة الطيبة من البوابة، ثم هرولت نحو بيتها بسرعة فتاة في السادسة عشرة. ووقفت مارجريت في المدخل تنصت إلى تلك الخطى المتقهقرة. كانت شاحبة وقلقة، لكن رينمارك كان يرى أنه لم ير أحدا بهذا الجمال من قبل، وذهل حين شعر برغبة شديدة، لا تمت بصلة للأساتذة الجامعيين، في أن يحتضنها بين ذراعيه ويواسيها. لكنه كان يخشى أن يسوقه القدر إلى تأجيج قلقها بدلا من مواساتها، ولم تواته الجرأة على التحدث إلا حين رآها تهم بإغلاق الباب.
قال: «مارجريت.»
لم تسمع الفتاة اسمها ينطق بتلك النبرة من قبل، ودخلت رقة نبرته إلى قلبها مباشرة؛ إذ أصابتها بفزع ممزوج ببهجة مجهولة. بدت عاجزة عن الحركة أو الرد، وظلت واقفة في مكانها فاغرة عينيها وحابسة أنفاسها ومحدقة في الظلام. تقدم رينمارك إلى الجزء المضاء، ورأت وجهه منهكا من شدة التعب والقلق.
قال مرة أخرى: «مارجريت، أريد أن أحادثك لحظة. أين أخوك؟» «لقد خرج مع السيد بارتليت ليريا إن كان بإمكانهما العثور على الخيول.» ثم أضافت وهي تنزل إلى جواره: «ثمة خطب ما. أرى ذلك في قسمات وجهك. ما الأمر؟» «هل أبوك في البيت؟» «نعم. لكنه منشغل بأمي. قل لي ما المشكلة. من الأفضل أن تخبرني.»
تردد رينمارك.
فصاحت الفتاة بصوت خفيض لكنه حاد قائلة: «لا تتركني مترقبة هكذا. ينبغي أن تخبرني بكل شيء وإلا كنت لتصمت من البداية. هل أصاب هنري أي مكروه؟» «لا. بل أردت الحديث عن آرثر. لن تنزعجي، أليس كذلك؟» «أنا منزعجة بالفعل. أخبرني بسرعة.» ومن فرط انفعالها، وضعت الفتاة يديها على يديه في توسل. «لقد انضم آرثر إلى المتطوعين في تورنتو منذ فترة. هل كنت تعلمين ذلك؟» «لم يخبرني قط. لقد فهمت، أو هكذا أظن، وإن كنت أرجو ألا يكون ظني صحيحا. لقد شارك في المعركة اليوم. هل أصابه مكروه؟»
قال رينمارك على عجل بعدما اتضحت الحقيقة: «لا أعرف. أخشى ذلك»، وأدرك حين شددت الفتاة قبضتها اللاواعية على يديه من شدة توترها أنه ذكر الحقيقة بأسلوب أخرق جدا. «كان مع المتطوعين صباح اليوم. لكنه ليس معهم الآن. ولا يعرفون مكانه. لم يره أحد مصابا، لكن ثمة خوف من أن يكون قد أصيب وترك في ساحة المعركة. لقد بحثت عنه في كل شبر من المنطقة.» «حسنا، ثم ماذا؟» «لكني لم أجده. فجئت على أمل العثور عليه هنا.»
قالت وهي تنتحب: «خذني إلى حيث كان المتطوعون. أعرف ما حدث. تعال بسرعة.» «ألن تضعي شيئا على رأسك؟» «لا لا. تعال حالا.» ثم سكتت هنيهة وقالت بعدها: «هل سنحتاج إلى مشكاة؟» «لا؛ فالمنطقة مضيئة بدرجة كافية حين نخرج من ظل البيت.»
ركضت مارجريت على الطريق بسرعة شديدة إلى حد أن رينمارك تكبد بعض العناء ليواكب وتيرتها. ثم انعطفت إلى الطريق الجانبي، وسارت بسرعة على المنحدر الصاعد ذي الميل الطفيف إلى النقطة التي عبر منها المتطوعون الطريق.
Page inconnue