وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم اعلم أرشدنا الله وإياك أنه واجب على كل مكلف أن يعلم أن الله عز وجل واحد في ملكه ، خلق العالم بأسرهم العلوي والسفلي ، والعرش والكرسي ، والسموات والأرض وما فيهما ، وما بينهما ، جميع الخلائق مقهورون بقدرته ، لا تتحرك ذرة إلا بإذنه ، ليس معه مدبر في الخلق ، ولا شريك في الملك ، حي قيوم (¬1) ، لا تأخذه سنة (¬2) ولا نوم ، عالم الغيب والشهادة (¬3) ، لا يخفى عليه شيء في الأرض ، ولا في السماء ، يعلم ما في البر والبحر ، وما تسقط من ورقة إلا يعلمها ، ولا حبة في ظلمات الأرض ، ولا رطب ، ولا يابس إلا في كتاب مبين ، أحاط بكل شيء علما ، وأحصى كل شيء عددا ، فعال لما يريد ، قادر على ما يشاء ، له الملك والغناء (¬4) ، وله العزة والبقاء ، وله الحكم والقضاء ، وله الحمد والثناء ، وله الأسماء الحسنى ، لا دافع لما قضى ، ولا مانع لما أعطى ، يفعل في ملكه ما يريد، ويحكم في خلقه بما يشاء ، لا يرجو ثوابا ، ولا يخاف عقابا ، ليس عليه حق ، ولا عليه حكم ، وكل نعمة منه فضل ، وكل نقمة (¬5) منه عدل ، لا يسأل عما يفعل ، وهم يسألون ، موجود قبل الخلق ، ليس له قبل ولا بعد ، ولا فوق ولا تحت، ولا يمين ولا شمال ، ولا خلف ولا أمام ، ولا كل ولا بعض ، ولا يقال متى كان ، ولا أين كان ، ولا كيف كان ، كون المكان ، ودبر الزمان ، ولا يتخصص بالمكان ، ولا يلحقه وهم ، ولا يكيفه عقل ، ولا يتخصص في الزمن ، ولا يتمثل في النفس ، ولا يتصور في الوهم ، ولا يتكيف في العقل ، ولا تلحقه الأوهام والأفكار ، ولا تحويه الجهات والأقطار (¬1) ، وليس كمثله شيء ، وهو السميع البصير ، نعم المولى (¬2) ونعم النصير (¬1) ، عرفه العارفون بأفعاله ، ونفوا التكييف عن جلاله / فكل ما خطر في الأوهام والأفكار فالله تعالى اب بخلافه .
... أما بعد ...
... ... فهذه وصية من الإمام الأعظم أبي حنيفة ، رحمه الله لأصحابه رضوان الله عليهم أجمعين ، على مذهب أهل السنة والجماعة .
Page 13