وقد أوحى الله تعالى إلى داود ﵇: كيف عرفتني؟ وكيف عرفت نفسك؟ فقال: عرفتك بالقدرة والقوة والبقاء، وعرفت نفسي بالضعف والعجز والفناء.
فقال: الآن عرفت.
فإذا كان من عرف نفسه عرف ربه كان من جهل نفسه جهل ربه، حتى يرغب عن ملة إبراهيم.
قال قتادة: رغبت عن ملة إبراهيم اليهود والنصارى، واتخذوا اليهودية والنصرانية دينا بدعة ليست لله، وتركوا ملة إبراهيم.
وقوله: ﴿وَلَقَدِ اصْطَفَيْنَاهُ فِي الدُّنْيَا﴾ [البقرة: ١٣٠] أي: اخترناه للرسالة، وتأويله: أخذناه صافيا من غير شائب، ﴿وَإِنَّهُ فِي الآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ﴾ [البقرة: ١٣٠] قال عطاء: يريد نوحا وآدم.
وقال الحسن: أي: من الذين يستوجبون على الله الكرامة وحسن الثواب.
وقال الزجاج: يريد: من الفائزين، لأن الصالح فِي الآخرة فائز.
وقوله: ﴿إِذْ قَالَ لَهُ رَبُّهُ أَسْلِمْ﴾ [البقرة: ١٣١]: إذ يتعلق بالاصطفاء، على معنى: اصطفاه إذ قال له ربه: أسلم.
أي: فِي ذلك الوقت.
قال الكلبي، عن ابن عباس: رفع إبراهيم الصخرة عن باب السرب، ثم خرج منه، فنظر إلى الكوكب والشمس والقمر كما ذكر الله عنه فِي قوله: ﴿فَلَمَّا جَنَّ عَلَيْهِ اللَّيْلُ﴾ [الأنعام: ٧٦] الآيات، فقال له ربه: أسلم.
أي: أخلص دينك لله بالتوحيد.
وقال عطاء: أسلم نفسك إلى الله، وفوض أمرك إليه.
قال الكلبي: أخلصت ب «لا إله إلا الله» .