382

(*) عند مواقيت الصلاة، حتى تفانوا ورق الناس، فخرج رجل بين الصفين لا يعلم من هو، فقال: أخرج فيكم المحلقون ؟ قلنا: لا.

قال: إنهم سيخرجون، ألسنتهم أحلى من العسل، وقلوبهم أمر من الصبر، لهم حمة

كحمة الحيات.

ثم غاب الرجل ولم يعلم من هو.

نصر، عن محمد بن إسحاق، عن عبد الله بن أبى يحيى، عن عبد الرحمن ابن حاطب (1) قال: خرجت ألتمس أخى في القتلى بصفين، سويدا، فإذا برجل قد أخذ بثوبي، صريع في القتلى، فالتفت فإذا بعبد الرحمن بن كلدة، فقلت: إنا لله وإنا إليه راجعون، هل لك في الماء ؟ قال: لا حاجة لى في الماء قد أنفذ في السلاح وخرقني، ولست أقدر على الشرب، هل أنت مبلغ عنى أمير المؤمنين رسالة فأرسلك بها ؟ قلت: نعم.

قال: فإذا رأيته فاقرأ عليه منى السلام، وقل: " يا أمير المؤمنين، أحمل جرحاك إلى عسكرك، حتى تجعلهم من وراء القتلى، فإن الغلبة لمن فعل ذلك ".

ثم لم أبرح حتى مات، فخرجت حتى أتيت عليا، فدخلت عليه فقلت: إن عبد الرحمن بن كلدة يقرأ عليك السلام.

قال: وعليه، أين هو ؟ قلت: قد والله يا أمير المؤمنين أنفذه السلاح وخرقه فلم أبرح حتى توفى.

فاسترجع.

قلت: قد أرسلني إليك برسالة.

قال: وما هي ؟ قلت: قال: " يا أمير المؤمنين، احمل جرحاك إلى عسكرك حتى تجعلهم من وراء القتلى، فإن الغلبة لمن فعل ذلك ".

قال: صدق والذى نفسي بيده.

فنادى منادى العسكر: أن احملوا جرحاكم إلى عسكركم.

ففعلوا ذلك، فلما أصبح نظر إلى أهل الشام وقد ملوا من الحرب.

وأصبح على فرحل الناس وهو يريد أن ينزل على أهل الشام في عسكرهم، فقال معاوية: فأخذت معرفة

__________

(1) هو عبد الرحمن بن حاطب بن أبى بلتعة اللخمى، وهو ممن ولد زمن الرسول صلى الله عليه، وكان ثقة قليل الحديث، توفى سنة 68، وقيل قتل يوم الحرة، وهذه كانت سنة 63 في أيام يزيد بن معاوية.

انظر الإصابة 6196 ومعجم البلدان " حرة واقم ".

Page 394