فأجابته السيدة الشابة الجميلة بأبهى ابتسامة رآها يوما: «أوه، لا يهم ذلك.»
قال السيد كراندال: «لا يهم ذلك؟ لو حظيت بشرف لقاء السيدة كراندال لعرفت بأن هذا مهم كثيرا ... كثيرا جدا في الحقيقة.» «لكننا لسنا ببشر، نحن أرواح.»
فأجاب السيد كراندال: «أوه، أحقا؟ جيد جدا، هذا يحدث فارقا بالتأكيد.» وقد شعر بارتياح كبير؛ ذلك أنه من منطلق المنعطف الذي اتخذته تلك المحادثة بدأ يخشى أن يكون في حضرة اثنتين من كتاب الروايات المعاصرة.
واصلت المتحدثة الأولى حديثها قائلة: «هذه السيدة هي روح الثروة. وإذا اخترتها فستصبح رجلا ثريا قبل أن تموت.»
صاح كراندال: «أوه، حقا! هل أنت واثقة من ذلك؟» «واثقة تماما.» «حسنا، إذن لن أطيل في اتخاذ قراري. سأختارها هي بالطبع.» «لكنك لا تعرف من أنا. ربما حين تعرف، قد ترغب في عكس قرارك.» «أعتقد بأنك روح القوة أو الشهرة أو شيء من هذا القبيل. أنا لست بشخص طموح؛ تحقيق الثروة يكفيني.» «لا، أنا روح الصحة. فكر جيدا قبل أن تتخذ قرارك. لقد رفضني الكثيرون، وبعد ذلك، عرضوا أن يتخلوا عن كل ما يملكون دون جدوى، وذلك في سبيل أن يجتذبوني إليهم.»
قال السيد كراندال في شيء من التردد: «آها، إنك شخص من المبهج جدا أن يكون موجودا في أرجاء المنزل. لكن لم لا يسعني الحصول على كلتيكما؟ كيف تجدين ذلك؟» «أنا آسفة للغاية، لكنني غير مسموح لي أن أعطيك حرية اختيار كلتينا.» «ولم ذلك؟ يسمح للكثيرين أن يختاروا كلتيكما.» «أعلم ذلك، لكن لا يزال علينا أن نتبع التعليمات.» «إذن، إذا كان الأمر كذلك، أعتقد بأنني سأستقر على خياري الأول، ولا أرغب بذلك أن أسيء إليك على الإطلاق. إنني أختار الثروة.»
وحين قال ذلك، تقدمت نحوه السيدة الأخرى وابتسمت ابتسامة تعبر عن الانتصار بينما مدت يدها إليه. أمسك كراندال بيدها فتنهدت الروح الأولى. وحين كانت روح الثروة على وشك أن تتحدث بشيء، اهتز باب المكتب، ورأى السيد جون كراندال الروحين وهما يتلاشيان. فرك عينيه وقال في نفسه: «يا إلهي! كنت نائما. يا له من حلم أشبه بالحقيقة.»
وبينما كان يتثاءب ويمط ذراعيه فوق رأسه، جاءه صوت ارتجاج الباب مخبرا إياه أن هذا الصوت على الأقل لم يكن جزءا من الحلم.
فنهض الرجل من مكانه وفتح الباب.
وقال بينما دخل ذلك الرجل القوي البنية: «مرحبا سيد بوليون. لقد تأخرت عن موعدك.» «وأنت أيضا. لا بد أنك كنت منهمكا في حساباتك، وإلا سمعتني قبل ذلك. ظننت أنني لا بد أن أهشم الباب كي تفتح لي.» «أنت تعلم أن رجل الشرطة يحاول أحيانا أن يفتح الباب وظننت في البداية أنه هو. هلا جلست.» «أشكرك! لكن لا بأس. هل أنت مشغول الليلة؟» «لقد انتهيت لتوي من العمل.» «حسنا، كيف تسير الأمور؟» «أوه، ببطء كالمعتاد. الأمور تسير ببطء؛ لأننا ليس لدينا ما يكفي من المرافق، لكننا نؤدي كل العمل بقدر ما نستطيع.» «وهل تجني ثمار ما تؤدي من عمل؟» «بكل تأكيد. إنني لست بفاعل خير كما تعرف.» «لا، لم أفترض أنك كذلك. والآن، انظر يا كراندال، أعتقد بأن عملك واعد وأنه سينمو ويزدهر ليصبح شركة كبيرة إذا ما جرى توسيعه.» «أعلم ذلك. لكن ماذا يمكنني أن أفعل؟ من الناحية العملية، ليس لدي رأس مال يمكنني من توسيع عملي، ولا أريد أن أرهن ما لدي وأدفع نسبة فائدة كبيرة مع احتمالية أن نواجه أزمة تجارية في لحظة حاسمة فأخسر حينها كل شيء.» «صحيح تماما؛ صحيح، وهو مبدأ آمن وسليم. وفي الواقع، هذا هو ما أتيتك بشأنه. كنت أراقبك أنت وهذا المصنع عن كثب منذ فترة. والآن، إذا كنت تريد رأس مال فسأمدك به شريطة أن يأتي محاسب من جهتي ويفحص سجلاتك ويجد أن كل شيء يبشر بعائد مجز لتوسيع عملك. إنني أثق بالطبع فيما قلته عن أن الأمور تسير على ما يرام، لكن العمل يبقى عملا كما تعلم، وبالإضافة إلى ذلك، فإنني أريد أن أحصل على رأي خبير بشأن مدى التوسع الذي يمكن أن نقوم به. أعتقد أن بإمكانك بكل سهولة أن تتدبر أمر مصنع أكبر من هذا بعشرة أو عشرين ضعفا.»
Page inconnue