L'autre visage du Christ : la position de Jésus sur le judaïsme - Introduction à la gnosticisme
الوجه الآخر للمسيح: موقف يسوع من اليهودية – مقدمة في الغنوصية
Genres
وقال أيضا: «يعتقد الناس بأني جئت لألقي سلما على الأرض، ولكنهم لا يعلمون بأني جئت لألقي على الأرض شقاقا، نارا وسيفا وحروبا، فإذا كان خمسة في منزل واحد، يقوم ثلاثة ضد اثنين، واثنين ضد ثلاثة، ويقوم الابن ضد أبيه، والأب ضد ابنه، ويقفون وحيدين» (الفقرة 16)، وقال: «من هو قربي هو قرب النار» (الفقرة 82).
وذلك لأن رسالة يسوع هي رسالة راديكالية تهدف إلى قلب عالم قديم وخلق عالم جديد، ولهذين القولين ما يشبههما في الأناجيل الرسمية، فقد ورد في إنجيل متى: «لا تظنوا أني جئت لأحمل السلام إلى الأرض، ما جئت لأحمل سلاما بل سيفا» (متى 10: 35)، وورد في إنجيل لوقا: «جئت لألقي على الأرض نارا، وكم أرجو أن تكون قد اضطرمت ... أوتظنون أني جئت لألقي السلام على الأرض؟ أقول لكم لا، بل الخلاف» (لوقا 12: 49-51)، قال يسوع في إنجيل توما: «عندما تعرفون أنفسكم عندها يعرفونكم، وتعرفون أنكم أبناء الآب الحي، ولكن إذا لم تعرفوا أنفسكم أقمتم في الفقر، وكنتم الفقر» (الفقرة 3)، ومعرفة النفس هي جهد حثيث متواصل يصاحبه الاضطراب الداخلي قبل الحصول على الهدوء: «على من يبحث ألا يتوقف عن البحث إلى أن يجد ضالته، وعندما يجد ضالته سوف يضطرب، وعندما يضطرب سوف يدهش ويسود على الكل» (الفقرة 1)، «من يبحث يجد، ومن يريد الدخول يفتح له» (الفقرة 94).
ومن خلال العرفان تحل القيامة الفردية، ويفتح باب الملكوت؛ لأن القيامة لن تأتي في زمن موعود قادم، بل هي متاحة في أي وقت، قال له التلاميذ: «متى راحة الموتى، ومتى يأتي العالم الجديد؟ فقال لهم: إن ما تنتظرونه قد أتى ولكنكم لم تتبينوه» (الفقرة 51)، وقالوا له أيضا: «متى يأتي الملكوت؟ فقال يسوع: لا يأتي حين تنتظره، لا يقولون لكم هو ذا هنا، أو هو ذا هناك؛ لأنه يملأ الأرض ولكن الناس لا يرونه» (الفقرة 113)، وهو يسخر من الفهم اليهودي لمملكة الرب باعتبارها تنتمي إلى مكان ما وزمان ما: «إذا قال قادتكم هو ذا الملكوت في السماء، عندها تكون طيور السماء أقرب إليه منكم، وإذا قالوا لكم إنه في البحر، تكون أسماكه فيه قبلكم، ولكن الملكوت في داخلكم» (الفقرة 3)، إن القيامة المرتقبة لن تجلب الحياة لمن لم يجدها قبل موته، ومن وجد الحياة قبل موته لن يموت أبدا: «هذه السماء ستزول والتي فوقها ستزول، ولكن الذين هم أموات لن يحيوا، والذين هم أحياء لن يموتوا» (الفقرة 11).
والنفس العارفة تدرك أنها جاءت من عالم النور، وتدرك أن سجنها في عالم المادة مؤقت: «إذا سألكم الناس من أين أتيتم؟ قولوا لهم أتينا من النور» (الفقرة 50)؛ ولذلك فإن قبسا من النور يبقى في النفس الغافلة، وما عليها سوى إضرامه، سأله التلاميذ: «أرنا المكان الذي أنت فيه؛ لأننا يجب أن نطلبه، فقال لهم: هنالك نور داخل مخلوق النور من شأنه أن يضيء العالم، ولكن إذا لم يضئ كان ظلمة» (الفقرة 24).
في رحلة العارف هذه، لا يلعب المعلم سوى دور ثانوي بالنسبة إلى الدور الرئيسي الذي يلعبه المريد نفسه، وعلى عاتقه وحده تقع مسئولية الكدح الروحي، بينما يقوم المعلم بدور الموجه الذي يكشف لتلميذه من الأسرار ما يتلاءم وقابليته للتقدم والارتقاء، فإذا ما بلغ مرحلة النضج، تجاوز التلميذ أستاذه وانطلق وحيدا، قال يسوع في إنجيل توما لتلميذ ناداه يا معلم: «لست معلمك؛ لأن شربت فسكرت من النبع الفوار الذي سكبته.» (الفقرة 13)، وقال أيضا: «من يشرب من فمي يصبح مثلي، وأنا أكون هو، وسوف تنكشف له الأشياء الخبيثة» (الفقرة 108)، وهذا يعني أن من حقق العرفان تماهى مع المسيح، وذابت الفواصل بين الإلهي والإنساني.
ولعل من أهم ما تنكشف عنه بصيرة العارف هو أصل الروح في العالم الأسمى وغربتها في هذا العالم الذي ليس سوى معبر مؤقت. قال يسوع في إنجيل توما: «طوبى لمن وجد قبل أن ينشأ» (الفقرة 9)، وقال: «طوبى للمتوحدين والمختارين؛ لأنكم تجدون الملكوت؛ لأنكم عنه نشأتم وإليه تعودون» (الفقرة 49)، «كونوا مثل عابرين» (الفقرة 42)، وعندما سألته مريم المجدلية: من يشبه تلاميذك؟ قال لها: «يشبهون أطفالا يعيشون في حقل لا يخصهم» (الفقرة 21).
إن بؤس الشرط الإنساني يعود إلى الجهل لا إلى الخطيئة، ويسوع قد جاء كمعلم روحي لإنقاذ النفوس من جهلها، لا لتحريرها من الخطيئة؛ لذلك فإنه يشبه في إنجيل توما الجهلاء الذين يعزفون عن المعرفة بالسكارى الغافلين عن أنفسهم: «لقد وقفت في وسط العالم، وبالجسد ظهرت لهؤلاء، فوجدتهم سكارى كلهم، ولم أجد أحدهم ظمآن، فحزنت نفسي على بني البشر لأنهم عميان القلوب، لقد أتوا إلى العالم فارغين ويسعون إلى الخروج منه فارغين» (الفقرة 28).
والعارف يركز على المدلولات الداخلية للأحداث ولا تهمه سلسلة الأحداث التوراتية كما فهمتها الكنيسة القويمة باعتبارها تاريخا للخلاص. من هنا فإن الأقوال النبوية التوراتية التي تتنبأ بمجيء المخلص لا قيمة لها، وهي تنتمي إلى منظومة دينية مغايرة لما يؤمن به الغنوصي، فعندما قال التلاميذ ليسوع: «أربعة وعشرون نبيا في إسرائيل أخبروا بك، قال لهم: لقد تجاهلتم الحي الحاضر بينكم (يعني نفسه) وتحدثتم فقط عن الأموات» (الفقرة 52). وفي قول آخر له اختصر الشريعة إلى معرفة داخلية فردية بالخير والشر: «سأله تلاميذه : هل تريدنا أن نصوم؟ كيف نصلي؟ هل نتصدق؟ ما الذي يحل لنا أكله وما الذي لا يحل؟ قال يسوع: لا تقولوا كذبا ولا تفعلوا ما تكرهون» (الفقرة 6)، وفي قول آخر سخر من الشريعة ممثلة بعادة الختان: «قال له التلاميذ: هل الختان مفيد؟ فقال لهم: لو كان مفيدا لأنجبهم أبوهم من أمهم مختونين، ولكن إذا كان ختانا حقيقيا فبالروح، عندها يكون مفيدا» (الفقرة 53).
ولقد بث يسوع في تلاميذه تعاليم خاصة غير التي بثها في عامة الناس، ومع ذلك فقد خص جماعة من هؤلاء التلاميذ بتعاليم أكثر سرية: «قال يسوع لتلاميذه: بمن تقارنونني وتشبهونني؟ قال له سمعان بطرس: أنت تشبه ملاكا بارا، وقال له متى: أنت تشبه رجلا حكيما وفيلسوفا، وقال له توما: يا معلم، إن فمي عاجز عن تشبيهك بأحد ... فأخذه يسوع وتنحى به جانبا وقال له بضع كلمات، وعندما رجع توما إلى رفاقه سألوه: ماذا قال لك يسوع؟ فأجابهم: لو أني أخبرتكم بكلمة مما قال لي لحملتم حجارة ورجمتموني، وتخرج نار من الحجارة تحرقكم» (الفقرة 13). (7) مصادر خلفية يسوع الغنوصية
في الحديث عن خلفية يسوع الثقافية نحن لا نملك سوى التكهنات، فالأناجيل الغنوصية لم تهتم بسيرة يسوع بقدر ما اهتمت بأقواله، وركزت بشكل خاص على ظهوراته الروحانية التي تلت حادثة الصلب، أما الأناجيل الرسمية فإنها تبدأ سيرة يسوع من اليوم الذي اعتمد فيه على يد يوحنا المعمدان، عندما كان في نحو الثلاثين من عمره، وليست قصص الميلاد، وقصة ظهور يسوع في الهيكل وهو في سن الثانية عشرة يحاور الشيوخ بفهم وحكمة، إلا نوعا من السرد العجائبي الذي يروق للخيال الشعبي، مما عرفناه في أناجيل الطفولة المنحولة، مثل إنجيل يعقوب التمهيدي، وإنجيل الطفولة العربي، وكتاب توما الإسرائيلي، المليئة بالمعجزات التي اجترحها يسوع في سن الطفولة.
Page inconnue