L'autre visage du Christ : la position de Jésus sur le judaïsme - Introduction à la gnosticisme
الوجه الآخر للمسيح: موقف يسوع من اليهودية – مقدمة في الغنوصية
Genres
10
كل ذلك من شأنه أن يؤكد عند الغنوصيين تفوق موروثهم على الموروث التقليدي، إلا أنهم ينقسمون بخصوص موقفهم من الكنيسة القويمة إلى فريقين، يرى الفريق الأول، ويمثله كاتب «رؤيا بطرس»، أن أولئك الأساقفة والقساوسة والشمامسة، الذين يدعون تلقي سلطتهم من الله، ليسوا إلا جداول ماء جافة، وهم يتفاخرون بامتلاكهم وحدهم أسرار الحقيقة، على الرغم من أنهم لا يفقهون الأسرار، لقد أساءوا فهم تعاليم الرسل، وأسسوا لكنيسة زائفة بدلا عن الأخوية المسيحية الحقيقية، أما الفريق الثاني، ويمثله المعلم فالنتينوس، فلا ينكر على الكنيسة القويمة تعليمها للموروث الرسولي التقليدي، ولكنه يرى أن من حاز على العرفان قد تخطى أولئك الموظفين الكنسيين ولم يعد خاضعا لسلطتهم؛ لأن كل من وضع نفسه في تماس مباشر مع يسوع الحي صار سيدا لنفسه، والخبرة الفردية وحدها هي محك الحقيقة، وتعلو على الخبرة المستمدة من التقاليد، وهذا ما قاد إلى عدم وجود مؤسسة دينية غنوصية مراتبية على غرار الكنيسة القويمة؛ لأن القيادة فيها تبقى تلقائية ومفتوحة ومتبدلة.
11
وإذا كانت الكنيسة القويمة مفتوحة للجميع وبلا شروط، سوى الاعتماد بالماء والنطق بقانون الإيمان والمشاركة في العبادة، فإن الكنيسة الغنوصية مفتوحة للنخبة، وتقوم عضويتها على تقييم النضج الروحي للمريد الذي يجب عليه إظهار الشواهد الملموسة على قابليته لتلقي الأسرار، وذلك انطلاقا من قول يسوع: «من ثمارهم تعرفونهم.» وفي هذا الصدد، يقول مؤلف إنجيل فيليب الغنوصي: «إن كثيرا من المرشحين لعضوية الكنيسة يغطسون في ماء العماد، ويخرجون دون أن يتغير فيهم شيء»،
12
أي إن ما يهم الكنيسة القويمة هو الكم، أما الكنيسة الغنوصية فيهمها النوعية، وبينما تركز الأولى على الطاعة العمياء لرجال الدين، تركز الثانية على حرية الفرد في سلوك طريقه، مسترشدا بخبرة المعلمين الغنوصيين دون تقليدها بشكل أعمى، حتى إذا وصل مرحلة النضج الروحي استغنى عن أي مرشد ودليل.
مثل هذه الحرية الفردية داخل المؤسسة الدينية مفقود في الكنيسة القويمة، يقول الأسقف أغناطيوس، أسقف أنطاكية في أواسط القرن الثاني الميلادي: «إن الالتصاق بالأسقف هو التصاق بالكنيسة، أما الاستقلال عنه فليس استقلالا عن الكنيسة فقط، وإنما استقلالا عن الله نفسه ... وبعيدا عن الهرمية الكنسية لا توجد كنيسة على الإطلاق.»
13
ويقول أسقف ليون مؤيدا: «إن العرفان متضمن في تعاليم الرسل، وفي التنظيم المسكوني للكنيسة، وفي جسد المسيح الذي تمثله سلسلة الأساقفة الذين نقلوا التعاليم ... إن الكنيسة المسكونية، وحدها، تقدم المنظومة الكاملة للعقائد ... وخارجها لا يوجد خلاص».
14
Page inconnue