La Peur et l'Assurance en Matière de Travail

Ibn Abi al-Dunya d. 281 AH
15

La Peur et l'Assurance en Matière de Travail

الوجل والتوثق بالعمل

Chercheur

مشهور حسن آل سلمان

Maison d'édition

دار الوطن

Numéro d'édition

الأولى

Année de publication

١٤١٨ - ١٩٩٧

Lieu d'édition

الرياض

، ثُمَّ لَمْ يَلْبَثْ إِلَّا أَيَّامًا حَتَّى نَهَشَتِ ابْنَ الرَّجُلِ، فَارْتَاعَ وَالِدُهُ لِذَلِكَ، وَدَعَا بِالْخُوَاءِ وَالتِّرْيَاقِ وَغَيْرِهِ فَلَمْ يُغْنِ عَنْهُ شَيْئًا، وَهَلَكَ الْغُلَامُ، فَاشْتَدَّ جَزَعُ وَالِدَيْهِ عَلَيْهِ، وَدَخَلَ عَلَيْهِمَا مَا أَنْسَاهُمَا كُلَّ لَذَّةٍ أَصَابَاهَا مِنَ الْحَيَّةِ، فَقَالَا: لَا خَيْرَ لَنَا فِي جِوَارِ هَذِهِ الْحَيَّةِ، وَإِنَّ الرَّأْيَ لَفِي قَتْلِهَا وَالِاعْتِزَالِ عَنْهَا، فَلَمَّا سَمِعَتِ الْحَيَّةُ ذَلِكَ تَغَيَّبَتْ عَنْهُمْ أَيَّامًا لَا يَرَوْنَهَا وَلَا يُصِيبُونَ مِنْ بَيْضِهَا شَيْئًا، فَلَمَّا طَالَ ذَلِكَ عَلَيْهِمَا تَاقَتْ أَنْفُسُهُمَا إِلَى مَا كَانَا يُصِيبَانِ مِنْهَا، وَأَقْبَلَا عَلَى جُحْرِهَا بِالْبَخُورِ، وَجَعَلَا يَقُولَانِ: ارْجِعِي إِلَى مَا كُنْتِ عَلَيْهِ وَلَا تَضُرِّينَا وَلَا نَضُرُّكِ، فَلَمَّا سَمِعَتِ الْحَيَّةُ ذَلِكَ مِنْ مَقَالَتِهِمَا رَجَعَتْ، فَتَجَدَّدَ لَهُمَا سُرُورٌ عَلَى غُصَّتِهِمَا بِوَلَدِهِمَا، وَكَانَتْ كَذَلِكَ عَامَيْنِ لَا يُنْكِرُونَ مِنْهَا شَيْئًا، ثُمَّ دَبَّتِ الْحَيَّةُ إِلَى امْرَأَةِ الرَّجُلِ وَهِيَ نَائِمَةٌ مَعَهُ فَنَهَشَتْهَا، فَصَاحَتِ الْمَرْأَةُ فَثَارَ زَوْجُهَا يُعَالِجُهَا بِالتِّرْيَاقِ وَغَيْرِهِ مِنَ الْعِلَاجِ فَلَمْ يُغْنِ شَيْئًا، وَهَلَكَتِ الْمَرْأَةُ، فَبَقِيَ الرَّجُلُ فَرِيدًا، وَحِيدًا، كَئِيبًا، مُسْتَوْحِشًا، وَأَظْهَرَ أَمْرَ الْحَيَّةِ لِإِخْوَانِهِ وَأَهْلِ وُدِّهِ، فَأَشَارُوا عَلَيْهِ بِقَتْلِهَا، وَقَالُوا: لَقَدْ فَرَّطْتَ فِي أَمْرِهَا حِينَ تَبَيَّنَ لَكَ غَدْرُهَا وَسُوءُ جِوَارِهَا، وَلَقَدْ كُنْتَ فِي ذَلِكَ مُخَاطِرًا بِنَفْسِكَ، فَوَلَّى الرَّجُلُ وَقَدْ أَزْمَعَ عَلَى قَتْلِهَا، لَا يَرَى غَيْرَ ذَلِكَ، فَبَيْنَمَا هُوَ يَرْصُدُهَا إِذْ طَلَعَ فِي جُحْرِهَا فَوَجَدَ فِيهَا دُرَّةً صَافِيَةً وَزْنُهَا مِثْقَالٌ، فَلَزِمَهُ الطَّمَعُ، وَأَتَاهُ الشَّيْطَانُ فَغَرَّهُ، حَتَّى عَادَ لَهُ سُرُورٌ هُوَ أَشَدُّ مِنْ سُرُورِهِ الْأَوَّلِ، فَقَالَ: لَقَدْ غَيَّرَ الدَّهْرُ طَبِيعَةَ هَذِهِ الْحَيَّةِ، وَلَا أَحْسَبُ سُمَّهَا إِلَّا قَدْ تَغَيَّرَ كَمَا تَغَيَّرَ بَيْضُهَا، فَجَعَلَ الرَّجُلُ يَتَعَاهَدُ جُحْرَهَا بِالْكَنْسِ، وَالْبَخُورِ، وَرَشِّ الْمَاءِ، وَالرَّيْحَانِ، وَكَرُمَتْ عَلَيْهِ الْحَيَّةُ، وَالْتَذَّ الرَّجُلُ بِذَلِكَ الدُّرِّ الْتِذَاذًا شَدِيدًا، وَأَعْجَبَهُ، وَنَسِيَ مَا كَانَ مِنْ أَمْرِ الْحَيَّةِ فِيمَا مَضَى، وَعَمَدَ إِلَى

1 / 40