L'illusion des constantes: lectures et études en philosophie et psychologie
وهم الثوابت: قراءات ودراسات في الفلسفة والنفس
Genres
لاحظ أننا لا نتحدث إلا عن تحديد سلسلة حيوانات تصل حيوانا حديثا بحيوان آخر حديث. نحن بالتأكيد لا نطور أرنبا إلى نمر، بل أفترض أن بوسعك القول بأننا «ندهور» رجعا إلى منحنى الدبوس ثم «نطور» قدما إلى النمر من هناك. علينا للأسف أن نعيد مرارا وتكرارا أن الأنواع الحديثة لا تتطور إلى أنواع حديثة، بل تتشارك السلف فحسب؛ فهي أبناء عم. هذا هو جواب الشكوى الشائعة على نحو مزعج: «إذا كان البشر متطورين من الشمبانزي فكيف يتأتى أن تكون ثمة شمبانزيات بين ظهرانينا؟»
ثالثا:
في طريقنا القادم من حيوان منعطف الدبوس نحن نختار اعتسافيا الطريق المؤدي إلى النمر. هذا طريق حقيقي في تاريخ التطور، ولكن مرة ثانية نحن نختار أن نغفل نقاط تفرع كثيرة حيث كان بوسعنا أن نتبع التطور إلى نقاط وصول أخرى لا حصر لها؛ ذلك أن حيوان المنعطف هو السلف الأكبر لا للأرانب والنمور فحسب بل لقسم كبير من الثدييات الحديثة.
رابعا:
رغم أن الفروق بين نهايتي الدبوس (الأرنب والنمر مثلا) جذرية وهائلة، فكل خطوة في السلسلة التي تصل بينهما ضئيلة شديدة الضآلة. فكل فرد على طول السلسة مشابه لجاريه على الجانبين تشابه الأمهات وبناتها، وشبهه بجاريه في السلسلة أكبر من شبهه بالأعضاء النموذجيين من المجتمع المحيط به.
لقد كان الناس مشربين بنزعة الماهية بحيث تعذر عليهم تقبل نظرية التطور. لم يذكر داروين في أعماله لفظة «ماهوية»؛ فهي لم تبتكر إلا عام 1954م، ولكنه كان على إلف تام بالصيغة البيولوجية منها وهي فكرة «ثبات الأنواع»
immutability of species ، ووجه الكثير من جهده لمحاربتها تحت هذا الاسم. ولن يدرك المرء جيدا ما كان داروين بصدده في كثير من أعماله ما لم يتذكر جيدا أن مستمعيه كانوا ماهويين لا يشكون البتة في ثبات الأنواع.
الفصل الثالث
بين الماهوية والوجودية
الحرية هي ذلك «اللاوجود» الذي يفصل الإنسان دائما عن ماهيته.
Page inconnue