Le Wafa dans les conditions du Mustafa

Ibn al-Jawzi d. 597 AH
55

Le Wafa dans les conditions du Mustafa

الوفا بأحوال المصطفى

Chercheur

مصطفى عبد القادر عطا

Maison d'édition

دار الكتب العلمية

Numéro d'édition

الأولى

Année de publication

1408هـ-1988م

Lieu d'édition

بيروت / لبنان

أصرف إليها حجاج العرب . | فلما عرفت العرب ذلك خرج منهم رجل فأحدث فيها . | فغضب أبرهة وحلف ليسيرن إلى البيت فيهدمه . | فخرج ومعه الفيل ، فلما انتهى إلى مكة نهبها وقال لبعض أصحابه سل عن سيد أهل مكة ، وقل له : إنا لم نأت لحربكم ، إنما جئنا لهدم هذا البيت . | فدل على عبد المطلب ، فأخبره ما قال ، فقال : والله ما نريد حربه وما لنا بذلك من طاقة ، هذا بيت الله الحرام وبيت خليله إبراهيم ، وإن يمنعه فهو بيته . | ثم حمل إليه فأكرمه وأجله وقال : حاجتك ؟ | قال : أن ترد علي مائتي بعير أصبتها لي . | فقال لترجمانه : قل له : قد كنت أعجبتني حين رأيتك ، ثم زهدت فيك حين كلمتني أتكلمني في مائتي بعير وتترك بيتا هو دينك ودين آبائك قد جئت لهدمه ؟ | فقال : أنا رب الإبل ، وإن للبيت ربا سيمنعه . | وخرج عبد المطلب إلى قريش فأمرهم بالخروج من مكة والتحرز في الجبال والشعاب تخوفا عليهم من معرة الجيش . ثم قام عبد المطلب فأخذ بحلقة باب الكعبة وقال : | يا رب لا أرجو لهم سواكا | يا رب وامنع منهم حماكا | إن عدو البيت من عاداكا | امنعهم أن يخربوا فناكا | وقال أيضا : | لا هم إن المرء يمنع رح | له وحلاله فامنع حلالك | لا يغلبن صليبهم | ومحالهم غدوا محالك | جروا جموع بلادهم | والفيل كي يسبوا عيالك | عمدوا حماك بكيدهم | جهلا وما رقبوا جلالك | إن كنت تاركهم وكعبتنا | فأمر ما بدالك | ثم إن أبرهة تهيأ للدخول وهيأ الفيل ، فأقبل نفيل بن حبيب الخثعمي وقال بأذن الفيل وقال : ابرك محمود وارجع من حيث جئت ، فإنك في بلد الله الحرام . فبرك . | ومضى نفيل يشتد في الجبل ، فضربوا الفيل ليقوم فأبى ، فوجهوه إلى اليمن فهرول ؛ ووجهوه إلى مكة فبرك . | وأرسل الله تعالى طيرا أمثال الخطاطيف ، مع كل طائر منهم ثلاثة أحجار يحملها ، حجر في منقاره وحجران في رجليه ، أمثال الحمص والعدس لا يصيب أحدا إلا هلك . | فخرجوا هاربين يبتدرون الطريق الذي جاؤوا منه . فهلكوا في كل سهل وجبل . | وأصيب أبرهة بداء في جسده ، فسقطت أنامله فقدموا ( به ) صنعاء وهو مثل الفرخ ، فما مات حتى انصدع صدره عن قلبه . | وولد في هذا العام رسول الله صلى الله عليه وسلم . | قال ابن قتيبة : وقد أجمع الناس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ولد عام الفيل ، وقد عاين ذلك حكيم ابن حزام وحويطب بن عبد العزى وحسان بن ثابت ، وكل هؤلاء عاشوا في الجاهلية ستين سنة ، وفي الإسلام ستين سنة وقالت الشعراء في ذلك عن عيان الأمر ومشاهدته . | منهم نفيل بن حبيب ، وهو جاهلي وكانت الحبشة أخذته ليدلها على الطريق إلى مكة فهرب منهم بحيلة فقال : | ألا ردي ركائبنا ردينا | نعمناكم على الهجران عينا | فإنك لو رأيت ولن تريه | لدى جنب المحصب ما رأينا | جمدت الله إذ عاينت طيرا | وخفت حجارة تلقى علينا | وكلهم يسائل عن نفيل | كأن علي للحبشان دينا | وقال أمية بن أبي الصلت : | إن آيات ربنا بينات | ما يماري فيهن إلا الكفور | حبس الفيل بالمغمس حتى | ظل يحبو كأنه معقور | قالت عائشة رضي الله عنها : رأيت قائد الفيل وسائسه بمكة أعميين مقعدين يستطعمان الناس .

قال ابن قتيبة : وفي أمر الفيل أنه بينة على الإله المسخر للطير ، وإنما فعل ذلك لنصرة من ارتضاه وهلكة من سخط عليه ، لا لنصرة قريش ، فإنهم كانوا كفارا لا كتاب لهم ، والحبشة لهم كتاب . | فلا يخفى أن المراد بذلك محمد صلى الله عليه وسلم أنه الداعي إلى التوحيد .

عن عائشة أيضا أنها قالت : رأيت قائد الفيل وسائسه بمكة أعميين مقعدين يستطعمان الناس . |

Page 90