وقال قوم: إدراكُ المعلوم أو الشَيءِ على ما هو به. وإدراك، لفظ عام يَشترك بين دَرْكِ الحواس والعلومِ، والحدُ بالمشترَكِ لا يجوزُ، وإنما يُحَدُّ الشيءُ بخصيصة.
وقال قوم: الإِحاطةُ بالمعلوم. وهو معترَض بأن الإِحاطةَ تشتَرِكُ أيضًا، يقالُ: أحطتُ به رؤيةً وسَماعًا.
وقال الشيخُ أبو القاسمِ بنُ بَرْهانَ (١): هو قضاءٌ جازم في النًفْس.
والقضاءُ بالحكم أخص منه بالعلمِ.
واحسَنُ ما وجدتُه لبعضِ العلماءِ أنْ قال: هو وِجْدانُ النفس الناطقةِ لامورِ بحقائقِها (٢).
وقال بعضُ المتأخًرين: العلمُ هو ما أَوجبَ لمن قامَ به كونَه عالمًا (٣). وهذا أبعدُ من الكلِّ؛ لما فيه من الِإحالةِ على كون العالِم بما قامَ به عالمًا، ونحن لم نعلمْ ما قامَ به، وعن ذلك سُئِلَ، وكونُه عالمًا اسمٌ، لكنْ لحقيقةٍ بَعْدُ ما عَلِمْناها، وما ذلك إلا بمثابةِ مَنْ سُئِل عن السوادِ فقالَ: هيئةٌ يصيرُ بها الجسمُ اسودَ (٤)، وأسودُ مشتقٌّ من