عند ذلك وصل القطار إلى أنقرة وهب الركاب للخروج، فأخذ رجاء الدين نميقة وركبا أوتوموبيلا وهي تقول: بربك توا إلى المشير فوزي باشا. أين نجده؟
ومن غرائب الصدف أن رجاء لمح فوزي باشا حينئذ في زحمة المحطة وعيناه شائحتان هنا وهناك كأنه يبحث عن الرسول القادم بالمعلومات، فقال لها: إن فوزي باشا ينتظرنا الآن في منزله. فإلى منزله. فهناك تبسطين المعلومات أولا وبعد ذلك نعود نحن إلى معلوماتنا الخاصة.
الفصل السادس عشر
سامع شتيمته بأذنه باسم
في دقائق معدودة كان الأتوموبيل أمام دار مصطفى باشا كمال، فخرجا منه ودخلا بين الحراس، ودخل رجاء مع نميقة إلى غرفة خاصة بسيطة وقال: انتظري هنا يا عزيزتي. سيأتي المشير فوزي باشا لمقابلتك حالا.
وبقيت نميقة وحدها خافقة الفؤاد وهي تجيل نظرها في الغرفة، فلا ترى فيها إلا بعض الأسلحة المعلقة في الجدران كتحف، ومنضدة وبعض كراسي ومقعد.
وبعد نحو عشر دقائق دخل رجاء يصحب الغازي مصطفى باشا وهو في ثوب جندي برتبة مشير، وقال له: حضرتها الآنسة تريزا بريسكا الروسية يا دولة المشير فوزي باشا. وقد وصلت الآن لكي تقدم لك معلوماتها.
ثم جلس الغازي في مقعده لدى المكتب وتريزا لديه، وقال: إني شاكر اهتمامك أيتها السيدة المحترمة في إعطائنا المعلومات الثمينة، التي يتوقف على إعطائها تقرير المصير. فتكرمي بها الآن.
فقالت تريزا - أو نميقة: إن معلوماتي يا سيدي جاءت عرضا إلي، ولا بد من رواية حكاية اتصالي بها بالاختصار الممكن، لأني أخاف يا دولة المشير أن يفوت وقت الحاجة إليها. - لا تخافي، لقد اتخذنا الاحتياطات اللازمة.
فقالت: إني يا سيدي فتاة روسية من أودسا، ولكن أبوي أقاما في الآستانة، فأصبحت كأني تركية وتعلمت في مدارس الآستانة. - أنعم بك من روسية تركية. - ثم رزئت بوالدي وأصبحت ولا ملاذ لي إلا الله ونفسي. وقد عني أبي بتعليمي فتعلمت بعض اللغات والعلوم جيدا، وكنت أسعى أن أشتغل في تدريس دروس خصوصية. وأخيرا نمى إلي أن في الآستانة دوقة روسية متنكرة وأنها غنية وتحتاج إلى كاتبة أسرار.
Page inconnue