فقهقه مصطفى كمال باشا وقال: خففي من حقدك يا عزيزتي، إن سنية هانم وبنتها معذورتان أن تهيجا غضبا وحقدا بعد أن رفضت أنا نميقة زوجة.
فتدللت لطيفة هانم وقالت: من يدري أن لا تتزوج نميقة وتجعل أباها خليفة، فيكون مؤتمرا بأمرك. - هذا ما كان يحلم به البرنس سناء الدين فيما أظن، ولكن لم أنله وطره. - ليس ما يمنع أن تنيله إياه يا مصطفى إذا اقتضت السياسة، كما اقتضت سياسة نابليون أن يتزوج «أنة» بنت ملك النمسا. - يستحيل. لأننا قررنا في قانون الجمهورية تحريم تعدد الزوجات. - نابليون لم يتزوج «أنة» إلا بعد أن طلق جوزفين. - وقررنا في قانون الجمهورية تحريم الطلاق إلا لسبب يقتضيه. وحيث يوجد حب فلا يكون طلاق. - ما أظن نابليون أحب امرأة كما أحب جوزفين. ومع ذلك طلقها لأن السياسة اقتضت ذلك. - نابليون كان مغرورا يريد ولي عهد، فما بقي ملكه ولا ولي عهده. - إن ولي العهد في يد الله يا عزيزي. - لست أطلب منك إلا الحب يا لطيفة، وأعاهدك على أن أقلب ملك آل عثمان عن العرش ... أظن عصمت باشا جاء، فيجب أن أقابله الآن.
وخرج مصطفى من خدر زوجته إلى بهو المقابلة.
الفصل الثالث
شرارة حب تحولت إلى شرارة غضب
ننتقل بالقارئ الكريم إلى الآستانة، حيث نجد البرنس سناء الدين جالسا في مجلسه الخاص ومعه صديق يدعى نامق بك، وهو يرتجف غضبا أو غيظا، ويقول: ما خطر لي قط أن الشخص الذي أحسن إليه يكون عقربا فيلسعني في أرق عواطفي. خذ يا عزيزي نامق بك اقرأ هذه الرسالة.
ودفع إليه ورقة، فقرأ ما يأتي:
صاحب السمو البرنس عثمان أفندي
إني عارف بسر تجهله، ولا أدري إن كان يعرفه شخص آخر أيضا. ولما كان يهمك أن تعرفه رأيت أنه يجب علي أن أبوح لك به.
لقد خطبت سمو الأميرة نميقة هانم كريمة سمو البرنس سناء الدين أفندي، وإلى الآن لم تدر أنها عشيقة شخص آخر يدعى أمل الدين أفندي رغبت. فقد كان مدة في خدمة سمو البرنس سناء الدين وأتاحت له الظروف أن يتعرف بالأميرة نميقة وتنقدح بينهما شرارات الحب. وإثباتا لذلك أرجو أن تتأمل الصورة التي تجدها طي هذا. ومتى تيقنت صحة هذا السر فهمت لماذا لا تجد من الأميرة نميقة الميل الذي تبتغيه؟ بل لماذا تجد منها الجفاء الذي يؤلمك؟ ها قد عرفت الحقيقة، فلا تلم في المستقبل إلا نفسك إذا عرضت لك أمور لا تسرك. قد تسخط على من يفضح لك هذا السر، ولكنك تشكره على كل حال.
Page inconnue