فأما أن يقيسها إلى الأحلاف والرقيق والمستضعفين من الناس فهذا والله الجبن والخرق،
78
ولكن لا رأي لمن لا يطاع. •••
وتفرقت قريش فذهب أكثر الملأ إلى دورهم إلا أبا جهل، فإنه ذهب في عصبة من الفتية والرقيق، فاستخرج أساراه من محبسهم ذاك الذي أنفقوا فيه الليل، ومضى يدفعهم أمامه يتعجل خطوهم، وأنى للمقيد أن يسرع الخطو؟! ولكن أبا جهل وأصحابه كانوا يخزونهم بالرماح والخناجر وخزا
79
يؤذي ويدمي ويشق، ولكنه لا يبلغ الأنفس، وربما ألهبوهم ضربا بالسياط، وربما جذبوا لحية ياسر وعمار وشعر سمية وهم يتضاحكون ويتصايحون، والناس ينثالون
80
عليهم من كل بيت وينضمون إليهم من كل وجه، وكأن الأسارى قد تحدثت نفوسهم وسكتت ألسنتهم، فأجمعوا ألا يرفعوا صوتهم بشكاة وألا يظهروا ألما ولا ضجرا.
ومضوا كذلك، حتى إذا بلغوا مكانا في البطحاء وقف أبو جهل ووقف الناس معه، ثم تقدم حتى دنا من ياسر، فقال له ساخرا منه: أباق أنت على حلفك لمخزوم كما حدثتنا أمس؟
قال ياسر: فإنك قد أخرجتنا من هذا الحلف حين بغيت علينا،
Page inconnue