في الصلاة، فكيف تقر عينه بدونها، وكيف يطيق الصبر عنها؟! فصلاة هذا الحاضر بقلبه الذي قرة عينه في الصلاة، هي التي تصعد ولها نور وبرهان، حتى يُسْتَقْبَلَ بها الرحمن ﷿ فتقول: "حَفِظَكَ اللهُ تعالى كمَا حَفِظْتَني"، وأما صلاة المفرّط المضيّع لحقوقها وحدودها وخشوعها؛ فإنها تُلَفُّ كما يُلَفُّ الثوب الخَلِق، ويُضْرَب بها وجه صاحبها وتقول: "ضَيَّعَكَ اللهُ كما ضَيَّعْتَنِي".
وقد رُوِي في حديث مرفوعٍ رواه بكر بن بشر، عن سعيد بن سنان، عن أبي الزاهرية، عن أبي شجرة، عن عبد الله بن عمرو ﵄ يرفعه أنه قال: "مَا مِنْ مؤمنٍ يُتِمُّ الوضوء إلى أماكنه، ثمَّ يَقومُ إلى الصَّلاةِ في وقتها، فيُؤدِّيها لله ﷿ لم ينقص من وقتها، وركوعها وسجودها، ومعالمها شيئًا، إلَّا رُفِعَتْ له إلى الله ﷿ بيضاءَ مُسْفِرة يَسْتَضِئُ بنورها ما بين الخافِقَيْن، حتى يُنْتَهى بها إلى الرّحمن ﷿.
ومَنْ قام إلى الصلاة فلم يُكمل وضوءها، وأخَّرها عن وقتها، واسْتَرَقَ ركوعها وسجودها ومعالمها، رُفِعَتْ عنه سوداء مظلمة، ثم لا تُجاوز شعر رأسه، تقولُ: ضَيَّعك اللهُ كما ضَيَّعْتَني، ضَيَّعَك الله كما ضيَّعْتَني" (^١).