Views of Al-Sawi on Creed and Behavior
آراء الصاوي في العقيدة والسلوك
Maison d'édition
مكتبة النافذة
Numéro d'édition
(بدون)
Lieu d'édition
الجيزة - جمهورية مصر العربية
Genres
آراء الصاوي في العقيدة والسلوك
إعداد
أسماء بنت محمد توفيق بن بركات مُلا حسين
1 / 1
كل الحقوق محفوظة
ولا يجوز إقتباس أو تقليد أو إعادة طبع أي جزء من هذا الكتاب أو تخزينه، في نطاق استعادة المعلومات أو نقله بأي طريقة دون إذن خطي مسبق من الناشر
الناشر: مكتبة النافذة
المدير المسئول: سعيد عثمان
الجيزة: ٢ شارع الشهيد أحمد حمدي - الثلاثيني - فيصل
تليفون وفاكس: ٧٢٤١٨٠٣
E-mail: alnafezah@hotmail.com
1 / 2
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
مقدمة
إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادى له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله.
﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ﴾ [آل عمران: ١٠٢].
﴿يَاأَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا﴾ [النساء: ١].
﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا (٧٠) يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا﴾ [الأحزاب: ٧٠، ٧١].
أما بعد: فإن العلم بالله تعالى ومعرفة ما ينبنى عليه الإيمان به ﷿ من توحيده بأفعاله وأسمائه وصفاته، وما يستحقه من أنواع العبادة الخالصة لمن أجل العلوم والمعاوف التي تتسامى الآمال للاستزادة منها، لذا فقد حرص أهل العلم الشرعي في القديم والحديث على الاستزادة منه، ومعرفة أركانه وقواعده؛ ومن ثم كتابة المصنفات المتعددة فيه، فلا تكاد ترى عالمًا مبرزًا إلا وله في هذه الأصول مقالات وآراء.
ولظهور الانحراف في منهج التفكير عند علماء الأمة تأثرًا بالتيارات المبتدعة والاهواء المضللة؛ تباينت تلك المصنفات والاتجاهات أشد التباين، واختلفت المفاهيم وتغايرث حول تلك الأصول والمبادئ، التي كان العلم بها كما فهمها السلف الصالح محل اتفاق وإجماع في العصور المباركة.
1 / 3
وقد تعددت مظاهر ذلك الانحراف ما بين سلوك واعتقاد وفكر وطريقة في الفهم والاستنباط، كنتيجة حتمية وثمرة لازمة لانحرافهم في مصادر التلقى ومناهج الاستدلال.
فتأكد الدفاع عن الحق نتيجة لذلك، إذ معرفته فقط لم تعد كافية، حيث عمت البلوى بانتشار البدع العقدية في أرجاء البلاد الإسلامية، وذلك تحت مسميات المذاهب المختلفة، كالفرق التي استجدت في واقع الأمة المسلمة، بعد وفاة النبي ﷺ، وأصبح من الواجب التصدى لهؤلاء المبتدعة بما يحصل به إظهار الحق ورد الباطل، وذلك بالعودة إلى منابع الصدق واليقين: الكتاب والسنة، دون تعسف أو جور، وإنما بتحرى العدل والإنصاف تأسيًا بمنهج الكتاب والسنة وهدى علماء السلف رضى الله عنهم، فليس الهدف هو الانتصار للنفس وما تقرر فيها، وإنما إحقاق الحق والعدل الذي قامت به السموات والأرض، كل ذلك مقرونًا بتحرى الحكمة والجدال بالتى هي أحسن، كما أمرنا المولى ﵎؛ تأسيًا بهدى المصطفى ﷺ في دعوته، حيث قال آمرًا نبيه ﷺ في محكم التنزيل: ﴿ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ﴾ [النحل: ١٢٥].
ولما كان البحث في هذه القضايا العقدية بهذه الأهمية حيث أنيط بتحرى العدل والانتصار للحق فيه: الدفاع عن عقيدة السلف الصالح ومنهجهم في تقريرها؛ وجدت أنه من المفيد النافع اختيار شخصية شعرية يكون لها بروز وأثر علمى في تقرير المسائل العقدية؛ خصوصًا وقد علم ما للمذهب الأشعري من هيمنة على كثير من المؤسسات العلمية في كثير من الدول الإسلامية في وقتنا الحاضر.
إذ تأتى الأشعرية؛ كأبرز مذهب فكرى ينتسب إلى الإسلام على أنه من خالص التعاليم وحقيقة الدين، مع ما فيه من المحدثات العقدية مقننة بشبه عقلية وفلسفية، ومع ما فيه من بدع سلوكية، روج لها المتصوفة الذين انتسبوا إلى ذلك المذهب، تحت مصطلحات بدعية، وأفكار مستوحاة من أديان وضعية ومحرفة، أثرت كثيرًا
1 / 4
في أوساط عامة المسلمين بل وحتى علمائهم؛ مما أدى إلى ضمور دائرة الوعى العقدى عتد كثير من العلماء والمحدثين والمفسرين في تلك المجتمعات.
وهنا تظهر أهمية دراسة هذه الفرقة، للأسباب التالية:
الأول: سعة انتشارها بين أفراد الأمة المسلمة.
ثانيا: وقوع الكثير في الالتباس بحقيقة أمرها، إذ يعتقد فيها موافقة لحقيقة الدين الموحى به من عند الله جملة وتفصيلًا.
ثالثا: تأثر الكثير من العلماء بأفكارها ومناهجها من مفسرين ومحدثين، إذ لا يكاد طالب علم ينجو من مطالعة آرائها، وتحقيقات علمائها في كتب التفسير، وشروح الحديث والفقه والأصول، مما يستدعى إلمامًا بردود السلف على مثل تلك الشبه المقننة بمناهج مفكرى ذلك المذهب.
رابعًا: انتساب الكثير من أكابر الصوفية المتأخرين للمذهب الأشعرى، حتى لا تكاد تقف على علم من أعلام الصوفية المتأخرين وإلا وهو يذهب مذهب الأشاعرة في أصول الاعتقاد، فمن الملاحظ على علماء الأشاعرة خصوصًا المتأخرين منهم ارتباط مذهبهم بالاتجاه الصوفى، حيث يمثل المنحى الأخلاقى السلوكى المنظر لأصول العقائد في واقع المريد، ودون أن يكون هناك أي تعارض بين أفكار الصوفية المغرقين في ركام الجهل بما يجب لله تعالى من تعظيم وإجلال، وبين ما انبنى عليه المذهب الأشعري في مسائل المعرفة والتوحيد (١).
هذا وقد وجدت أن في اختيار آراء الشيخ الصاوى ﵀ محلا للدراسة والنقد ما يخدم ذلك الهدف المرجو؛ خصوصا والدراسات العقدية حول آراء المتأخرين من علماء الأشاعرة قليلة ولا تزال محل اهتمام الباحثين، مع العلم بأنها تمثل الواقع العلمى لأفكار كثير من المنتسبين للمذهب الأشعري في العصر الحديث.
ولإرادة الوقوف على أقوال السلف في مهمات العقائد المستنبطة من أدلة الكتاب
_________
(١) وسيأتي الحديث مفصلًا في بيان أسباب هذا التناقض.
1 / 5
والسنة فقد وجدت من نفسى انشراحًا وإقبالًا لدراسة آراء هذا العلم البارز في الفكر الأشعري على جهة الاستقصاء والتحرى، فكانت هذه الأسباب الآنفة الذكر، يسبقها ابتغاء ما عند الله والدار الآخرة، والنصح لدين الله، وإنصاف هذا العالم؛ هي ما دعانى لاختيار موضوع هذا البحث سائلة المولى ﷿ أن يتقبله في موازين الحسنات، وأن يتجاوز عن النقص والتقصير، إنه ولى ذلك والقادر عليه.
* * *
1 / 6
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد: فإن الله قد أرسل رسوله ﷺ بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله، وقد بلغ الرسول ﷺ الرسالة وأدى الأمانه ونصح للأمة وجاهد في الله حق جهاده حتى أتاه اليقين فجزاه الله خير ما يجزى نبيًا عن أمته.
ثم إن الصحابة - رضوان الله عليهم - قد سلكوا من بعده طريقه وبينوا الحق وعملوا به وردوا الباطل وجاهدوا في سبيل الله جهدهم وتتابعت على ذلك الهدى الأمة خلفًا عن سلف، وسيبقى الحق ظاهرًا إلى قيام الساعة كما أخبر بذلك النبي ﷺ.
ومع ذلك فقد عرضت للأمة فترات نشأ فيها الجهل بالسنة، وغلب عليها التأثر بمناهج مخالفة ومناوئة للحق وأهله، فتحقق ما أخبر به النبي ﷺ من تفرق الأمة واختلافها، وأصبحت المناهج الكلامية والصوفية هي الرائجة في بعض الفترات وأصبح الإسلام الحق غريبًا بين أهله في بعض الأماكن، وبلغ الأمر إلى الجمود على هذه المناهج، وكان ذلك من أهم أسباب ضعف الأمة وتخلفها، ولا سبيل هنا إلى شرح مظاهر ذلك التخلف في الجوانب العلمية والاجتماعية والسياسية والاقتصادية وغيرها من الجوانب؛ إذ للحديث عن هذا مجالات أخرى.
وفي مرحلة من مراحل الجمود العلمى هذه كان الشيخ أحمد الصاوى ﵀، وقد أشارت الباحثة الفاضلة في توطئة البحث إلى شيء من مظاهر الضعف العلمى والسياسى وغيرها.
وكانت غالب جهوده العلمية كغالب أهل عصره تعبيرًا عن هذه المرحلة، حيث اتخذ المنهج الكلامى وبخاصة الاتجاه الأشعري طريقة في الاستدلال والنظر، كما اتخذ المنهج الصوفى طريقة في السلوك والعبادة، وهذه سمة من سمات تلك
1 / 7
الفترات، حيث تجد المتمذهب بأحد المذاهب الفقهية المعروفة متبعًا طريقة المتكلمين في الاعتقاد سالكًا طريقة من طرق التصوف في العبادة والسلوك.
وقد كان للشيخ الصاوى ﵀ مؤلفات كثيرة شملت جوانب متعددة وغالبها شروح وتعليقات على متون في العقائد الكلامية والتفسير والتصوف والفقه.
وقد أحسنت الأستاذة الفاضلة أسماء بنت محمد توفيق بركات، حين اختارت البحث في آراء الصاوى في العقيدة والسلوك، حيث بينت المنهج الذي سلكه وأثر ذلك عليه، وبيان موقفه من مسائل الاعتقاد والسلوك ومناقشة ذلك كله بالأدلة من الكتاب والسنة وفق منهج السلف الصالح.
وقد وفقت في ذلك كله، زادها الله توفيقًا وسدادًا، وهذه الدراسة مثال ينبغى أن يحتذى في نقد الآراء والكتب المخالفة لأهل السنة، كما ينبغى أن تتكاتف الجهود لإظهار عقيدة أهل السنة بتقريرها وبيان دلائها ونقد كل ما يخالفها.
والذي أعلمه من الطالبة أنها كانت أثناء كتابتها للبحث شديدة الحرص تبين الحق بدليله، حريصة على ألا تنسب للصاوى ﵀ ما لم يقله بمجرد احتمال قوله لذلك، وكانت أشد حرصًا على أن يكون نقدها مستندًا إلى عقيدة أهل السنة والجماعة، وقد ظهر هذا في كتابتها فجزاها الله عن ذلك خير الجزاء.
وحيث أعلم أن في نية الباحثة الفاضلة إكمال هذا الجهد العلمى الموفق بنقد تفصيلى لحاشية الصاوى على الجلالين فإنى أرى هذا من تمام توفيقها؛ إذ علمنا ما لتفسير الجلالين وحواشيه من انتشار وشهرة.
والله أسأل أن يوفق الباحثة الفاضلة إلى كل خير، وأن ينفع بها، وأن يجعل أعمالنا خالصة لوجهه الكريم إنه سميع مجيب.
بقلم فضيلة الشيخ الدكتور/ عبد الله بن محمد القرني
كلية الدعوة وأصول الدين
قسم العقيدة
٢٢/ ٢/ ١٤٢٦ هـ
1 / 8
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
مقدمة
الحمد لله رب العالمين. نحمده ﷾ حمدًا كثيرًا طيبًا. والصلاة والسلام على سيدنا محمد خاتم الأنبياء والمرسلين، والمبعوث رحمة وهداية للناس أجمعين، وعلى آله وصحبه ومن تمسك بسنته واهتدى بهديه إلى يوم الدين.
أما بعد ..
فقد يكون واضحًا: أن علماء الأمة الإسلامية الذين اغترفوا من بحار العلوم الإسلامية، قد قدموا للأمة انطلاقات علمية كانت رائدة، ومعالم مضيئة في طريق السائرين. ومن هؤلاء العلماء الأعلام الإمام الشيخ الصاوى الذي برز في التفسير، وعلم الكلام، والتصوف. وكان كأهل زمانه متأثرًا بالتصوف ومذاهب علم الكلام خاصة الأشاعرة، "أهل السنة" في ذلك العصر.
ومما يحسن أن نشير إليه. أن علم الكلام عنى به علماء الأمة ومفكروها الأوائل باعتباره: علم الفقه الأكبر. لأنه متعلق بأصول الدين والإلهيات وقضايا الإيمان، ولكن هذا العلم الأصيل. قد اختلط بالفلسفة والمنطق. مما جعله يتعرض لنقود علماء لا يرتضون الفلسفة ولا المنطق.
كذلك التصوف الإسلامى. قد اقتحمت عليه الأبواب المذاهب الغنوصية الباطنية فكان لا بد من محاولة رد الزيوف، وتصحيح المواقف، وبيان ما خرج عن المنهج السنى الصحيح.
ويبدو أن الباحثة: أسماء محمد توفيق في دراستها. التي قدمتها عن آراء الصاوى تميزت بالحكمة في العرض، وحسن الاستنتاج والاستنباط. وقد ساعدها على ذلك ما يلى:
أولًا: سعة اطلاع الباحثة على مسائل علم الكلام، وفهمها لقضاياه ومشاكله في
1 / 9
وعى ودقة. ومما هو واضح أن الذي يتعرض لدراسة علم الكلام يكون أقدر على نقده، والتنبيه على ما فيه.
ثانيًا: قدرة الباحثة على الوقوف على المصادر والمراجع ببصيرة وبصر. وقد أمدها هذا الوقوف بتفوق وحسن تدبر.
ثالثًا: مرونة الباحثة في تناول المفردات المعرفية. لذا لم تتعرض للإسقاطات، ولا النقائض التي قد تبعد في كثير من الأحوال البحوث العلمية عن الإفادة.
رابعًا: الباحثة: ذات آفاق عقلانية، وتطلعات علمية. مكناها من التطلع إلى ما هو أقدر على الاستنباط.
ولا يخفى. أن الباحثة أسماء محمد توفيق. قد استطاعت أن ترتاد طريق التأليف بعمق وموضوعية. فأخرجت للمكتبة العربية والإسلامية عملًا رائدًا في موضوعه.
وإذا كان الإمام الصاوى لم يتعرض كثيرًا لنقود العلماء فيما اشتملت عليه رؤاه، فإن الباحثة استطاعت أن تصحح كثيرًا من أفكاره. خاصة فيما يتصل بعلم الكلام والتصوف.
والنقد والتصحيح علامة صحة وعافية، ودليل علم ومعرفة، ومعلم من معالم يقظة الأمة.
وقديمًا حينما ترجمت الفلسفة الإغريقية - في عصر الترجمة - وافتتن بها كثير من المثقفين المسلمين وجهت إلى الفلسفة نقود هائلة وكبيرة. نذكر منها:
١ - تهافت الفلاسفة للإمام أبي حامد الغزالي.
٢ - تهافت الفلاسفة للعالم علاء الدين الطوسى.
٣ - تهافت الفلاسفة للشيخ قطب الدين أبي الحسين.
٤ - تهافت الفلاسفة للخواجه زاده مصلح الدين.
٥ - تهافت التهافت. للفيلسوف ابن رشد.
1 / 10
هذه النقود التي جاءت على ما أدخل على المسلمين من قضايا فلسفية تخالف ما جاء به القرآن الكريم، مكنت المسلمين من الرد على ما يثار من الشبهات.
ومما هو يقينى. أن النقود التي وجهتها الباحثة العالمة: أسماء محمد توفيق لها في وعى الأمة ضرورة حياتية، وتقدير، لأن كثيرًا من المفاهيم والمصطلحات لا تنتشر بين الناس إلا عن طريق التقلب، والأخذ، والرد.
وإذا كان علم الكلام يعتبر فلسفة المسلمين، والتصوف هو علم السلوك - كما ذكر شيخ الإسلام ابن تيمية وابن القيم - رحمهما الله - فإن الباحثة استطاعت أن تعرض لقضايا تناولتها من خلال المنظور العقدى.
والعقيدة الإسلامية هي النافذة التي يطل منها المسلمون على كافة حقائق العلوم، والوجود، والأفكار، والمذاهب، والاتجاهات.
وإذا كان المتأثرون بعلم الكلام والتصوف أنطلقوا من العقيدة لعمل إطار فلسفى فكرى فإن ما قامت به الباحثة من محرض ونقد وتقرير. يمثل إضافة حية. لأن المواقف تحكم بحركة الإنسان وتواجداته.
أ. د: أحمد عبد الرحيم السايح
الأستاذ في جامعة الأزهر وقطر وأم القرى
المستشار: توفيق على وهبة
المستشار الأسبق في وزارة الداخلية السعودية
(الأمن العام)
1 / 11
الباب الأول: حياة الشيخ الصاوى
ويتضمن ثلاثة فصول:
الفصل الأول: عصر الصاوى
الفصل الثاني: حياة الصاوى
الفصل الثالث: منهج الصاوى
1 / 12
الفصل الأول: عصر الصاوي
فيه ثلاثة مباحث
المبحث الأول: الحالة السياسية
المبحث الثاني: الحالة الاجتماعية
المبحث الثالث: الحالة العلمية والدينية
1 / 13
(المبحث الأول): الحالة السياسية
لقد كان مولد الشيخ الصاوى سنة: خمس وسبعين ومائة وألف من الهجرة النبوية ١١٧٥ هـ، وكانت وفاته سنة إحدى وأربعين ومائتين وألف من الهجرة: ١٢٤١ هـ، الموافق سنة ١٨٢٥ م. ويعنى ذلك أنه عاصر نهاية الدولة العثمانية حيث عاش في ظل حكمها نيفًا وخمسين عامًا، ونحو عشرين عاما في ولاية محمد على باشا الذي تولى حكم مصر سنة: ١٨٠٥ م إلى سنة: ١٨٤٩ م.
ولما كان الصاوى من جملة الأفراد الذين لم يكن لهم أثر يذكر في الحياة السياسية؛ فسأكتفى ببيان الخطوط العريضة التي يمكن من خلالها فهم الأوضاع في تلك الآونة.
ففى هذه الفترة كان العالم الإسلامى ممزقًا إلى عدد من الدول، ففى المشرق كانت تتزعمه ثلاث دول إسلامية؛ الدولة العثمانية في تركيا والجزيرة العربية، والدولة الصفوية في فارس، والدولة المغولية في الهند.
وكانت الدولة العثمانية هي أضخم الولايات الإسلامية وأهمها من حيث الموقع الدولى؛ حيث توسطت بين القارات الثلاث، فهى المشرفة على أهم الممرات التي تصل بين أقطار العالم، والمكانة الدينية؛ لما نالته من شرف حماية الاماكن المقدسة؛ مكة المكرمة، والمدينة النبوية، والقدس.
كما كانت تحتل جزءًا كبيرًا في شرق وجنوب شرق أوربا، إلى جانب ممتلكاتها في الشام وشمال إفريقيا والجزيرة العربية، فكانت تحكم مقاطعات أوربية مهمة كالمورة والبوسنة ومولوفا، أي على الخريطة الحالية اليونان وبلغاريا وصربيا وألبانيا والبوسنة والهرسك وبحر إيجه بالكامل، وقد وصل حجم هذه الممتلكات إلى قرابة (٢٣٨٠٠٠) ميل مربع من الأراضى الأوربية، بينما يبلغ حجم رعاياها الأوربيين ثمانية ملايين نسمة (١).
_________
(١) المواجهة المصرية الأوربية، محمد عبد الستار بدوى: ٣٠.
1 / 14
ولما كانت الحقبة الزمنية الأخيرة من الحكم العثمانى هي محل الاهتمام والتحرى في هذا البحث فسأقتصر عليها لتوضيح هذا المبحث.
لقد كان في سيطرة العثمانيين، ومد زعامتهم على الأقطار الإسلامية توحيد لها بعد أن كانت كيانات متنافرة منذ أن سقطت الوحدة الإسلامية بسقوط الخلافة العباسية، وبصفة خاصة بعد أن تعرضت بغداد للتدمير المغولى الشامل في منتصف القرن الثالث عشر الميلادى الموافق منتصف القرن السابع الهجرى (١).
وهذه الوحدة الإسلامية التي حظيت بها الدول المسلمة تحت سيطرة الخلافة العثمانية كانت سببًا في حمايتها من أطماع الكثير، فقد حالت دون الصفويين الشيعة ودون السيطرة على العالم العربى، عندما اتجهت أطماعهم لضم العراق - أعادها الله لحوزة الإسلام والمسلمين - بحجة ضم مزارات الشيعة في النجف وكربلاء.
كما استطاع العثمانيون إيقاف توغل الاستعمار البرتغالى في البحار الإسلامية من البحر الأحمر والخليج العربى، بعد أن عجز المماليك وحلفاؤهم العرب من المغاربة وغيرهم من الوقوف أمام تهديدات البرتغال للأقطار المسلمة، حتى أنها أصدرت أمرًا بمنع المراكب المسيحية من دخول البحر الأحمر بحجة أنه يطل على الأماكن المقدسة، وقد كان لهذا العمل الجليل أهميته حيث حال دون الغزاة وتحقيق أطماعهم من الدولة المسلمة دهرًا من الزمن، إلى غير ذلك من الأعمال التي تمكنت بها الدولة العثمانية من فوض حمايتها على سائر الأقطار الإسلامية، وبقى الأمر على هذا إلى أن دب الضعف في كيان الدولة (٢).
فمنذ أوائل القرن الثاني عشر الهجرى صارت الدولة العثمانية رهينة للزوال والانهيار وذلك بعد أن بلغت ذروة مجدها في القرن العاشر الذي بلغت فيه أقصى فتوحاتها في دولة أوربا، ولكن بعد أن تمكنت منها عوامل الضعف ونخرت فيها
_________
(١) في تاريخ العرب الحديث، الدكتور/ رأفت الشيخ: ٣٤.
(٢) انظر: الدولة العثمانية والشرق العربى، د. محمد أنيس: ١٢٨، نقلًا عن المصدر السابق.
1 / 15
مقتضيات الانهزام حيث انهمك غالب الأمراء والأجناد في جمع الأموال والانغماس في الشهوات وضعف التمسك بهدى الإسلام وتعاليمه الوضاءة، طمع الأوربيون المستعمرون بإزالتها واتفقوا على اقتسام ثرواتها، وأطلقوا عليها مسمى: الرجل المريض (١).
وفى تلك الأثناء وقبل أن يتحقق حلم المستعمرين استبد كثير من الولاة والأمراء وبعض الوجهاء بالحكم في مناطق نفوذهم، وذلك نتيجة لانشغال الدولة العثمانية بالحروب التي انهكتها ضد أعدائها من الروس، وعلى صعيد مصر ظهر على بك الكبير كصاحب السلطان الأكبر، وقد استطاع الانفراد بالسلطة في ظل تلك الأجواء التي كانت تعيشها الدولة العثمانية، وقد كان على بك أحد المماليك، ولكنه تفوق على جميع منافسيه بما أوتى من شجاعة وقوة وطموح وقسوة، حتى تقلد عددًا من الإمارات إلى أن عين أميرًا للحجيج وكبيرًا للمماليك عام: ١١٧٧ هـ.
ولما أرد على بك أن يصطفى مصر لنفسه قتل منافسيه من الرؤساء والأقران، وباقى الأعيان، وفرق جمعهم في القرى والبلدان، وتتبعهم خنقًا وقتلًا، وأبادهم فرعًا وأصلًا وأفنى باقيهم بالتشريد، وجلوا عن أوطانهم إلى كل مكان بعيد، واستأصل كبار خشداشينة وقبيلته، وأقصى صغارهم عن ساحته وسدته، وأخرب البيوت القديمة، وأخرم القوانين الجسيمة والعوائد المرتبة والرواتب التي من سالف الدهر كانت منظمة، وقتل الرجال واستصفى الأموال وحارب كبار العربان والبوادى وعرب الجزيرة والهنادى وأعاظم الشجعان ومقادم البلدان، وشتت شملهم وفرق جمعهم واستكثر من شراء المماليك وجمع العسكر من سائر الأجناس، واستخلص بلاد الصعيد وقهر رجالها الصناديد ولم يزل يمهد لنفسه حتى خلص له ولأتباعه الإقليم من الإسكندرية إلى أسوان (٢).
ولما علمت الدولة العثمانية بهذا الاستقلال أزعجها ذلك فأرسلت إلى رجالها
_________
(١) انظر: حاضر العالم الإسلامى، لوثروب: (١/ ٢٢).
(٢) عجائب الآثار: (١/ ٤٣٢).
1 / 16
بمصر أمرًا بقتل على بك، إلا أن على بك كان مترقبًا لتحركات الدولة حيث علم بما تكنه من عداء لشخصه الطموح، لذلك فقد علم بحال الرسول وما أرسل به، فكلف رجاله بقتله، وأعلن أمام المماليك أن الدولة تأمر بقتلهم جميعًا، ولما تمتع به من فصاحة وقدرة على التأثير فقد استطاع أن يجلب المماليك لصفه، حينها أعلن استقلال مصر عن الدولة العثمانية وكان هذا أول انفراد حكمى يحظى به حاكم في مصر (١).
وعاشت مصر في ذلك الوقت في شبه استقلال من سيطرة العثمانيين، ولكن طموحات على بك لم تتوقف عند هذا الحد، فقد حملته أطماعه في احتلال عدد أكبر من الولايات على خوض عدد من المعارك والحروب كان لها أثر سيئ في إرهاق اقتصاد البلد، ولدفع هذه الاحتياجات عمد إلى فرض الضرائب الباهظة على قرى مصر فوق ما كانت تنوء به من نفقات الخراج، ولكل هذا فقد كان من الطبيعى أن تتصاعد صيحات الجماهير وتكثر شكاواها من ظلم النظام الحاكم (٢).
وفى سبيل تحقيق أطماعه التوسعية "فقد تخابر على بك مع قائد الدونانمة الروسية بالبحر المتوسط ليمده بالذخائر والأسلحة حتى يتم له استقلال مصر، فساعده القائد الروسى رغبة في وجود الحروب الداخلية في الدولة، وبذلك أمكن على بك فتح مدائن غزة ونابلس وأورشليم ويافا ودمشق" (٣).
ولكن تلك الأطماع لم تتوقف عند هذا القدر بل أخذ بالاستعداد للسير إلى حدود بلاد الأناضول وهناك أفل نجمه، إذ ثار عليه أحد بيكاوات المماليك وهو محمد بيك الشهير بأبى الذهب، فعاد على بك إلى مصر لمحاربته فانهزم، حيث وقع في الأسر مع أربعة من ضباط الروس، ثم لقى حتفه إثر ما أصابه من الجراح، وقطع رأسه وسلم مع الأربعة الضباط إلى الوالى العثمانى: خليل باشا (٤).
_________
(١) انظر في تاريخ العرب الحديث: ١٦٨.
(٢) انظر موسوعة تاريخ مصر، أحمد حسين: (٣/ ٨٦٠).
(٣) تاريخ الدولة العلية العثمانية، محمد فريد بك: ١٥٩.
(٤) انظر المرجع السابق: ١٥٩.
1 / 17
وبعد سقوط على بك الكبير تولى مكانه محمد أبو الدهب زمام السلطة، وقد عم الأمن والرخاء بلاد مصر في حكمه، وعاش الناس في هدوء واستقرار، وذلك بالرغم من قصر مدة حكمه، وقد بنى مسجده ومدرسته أمام الجامع الأزهر، ورتب لها وقفًا كبيرًا، كما وقع اختياره على الشيخ الدردير ليكون فقيه المالكية في تلك الآونة.
وبعد وفاة محمد أبو الدهب سنة: ١١٨٩ هـ صارت قبضة الحكم في مصر لإبراهيم ومراد بالتساوى بينهما، وكانا من مماليك أبي الدهب، وقد استمر حكمهما لمصر أكثر من عشرين عامًا، قاست في خلاله أشد أنواع الظلم والجهل والعدوان، فقد كانت حياة المصريين في تلك الآونة سلسلة من مآسى الظلم والفقر والنكبات، حيث فرضت الضرائب الفظيعة التي لم يعهد لها الناس مثيلًا من قبل.
كما انعدم الأمن في البلاد، فكان المسافر يستأجر الأعراب لحراسته كى ينقل من بلد إلى بلد، وهاجر الفلاحون إلى القاهرة بنسائهم وأولادهم يضجون من الجوع ويأكلون قشر البطيخ وأوراق الشجر، حتى استباحوا أكل الميتة من شدة ما حل بالناس من الفقر المدقع (١).
ولكل هذا مع ما كان من إهمال الولاة والعثمانيين أمر الرى وتوزيع المياه، فقد وصلت الحالة الاقتصادية في مصر لأسوأ ما يمكن الوصول إليه حيث أصيبت الأرض بالتلف وتعرضت الترع للجفاف، وتعطلت من أجل ذلك الزراعة.
وقد أدى هذا التدهور في شتى مجالات الحياة إلى ضعف الناحية العسكرية فقد أهملوا في تحصين البلاد التي تسلموا زمامها، واضمحلت في عهدهم الإسكندرية حتى اشرأبت إليها أعناق الطامعين من الغزاة الأوربيين (٢).
الاضطرابات والقلاقل السياسية:
لقد شهد العصر الذي عاش فيه الصاوى عددًا من الاضطرابات السياسية، فعندما
_________
(١) انظر: مصر في القرن الثامن عشر: (٢/ ٨٢).
(٢) في تاريخ العرب الحديث: ١٨٩.
1 / 18
استبان الأوربيون ضعف الدولة الإسلامية وعدم قدرتها على الصمود أمام الحملات الشرسة التي كانت تشنها على عدد من أطرافها تجدد طمعهم في شن حملات صليبية، فكانت رحلات المكتشفين إرهاصات كشفت عن تلك النوايا الخبيثة، ومن تلك الرحلات التي أمت بلاد المسلمين: رحلة فولنى الذي أرسل إليها من قبل فرنسا، فقد مكث أربع سنوات في مصر والشام، لاستكشاف الأوضاع هناك، ثم عاد إلى وطنه مقدمًا لها تقارير عن حال بلاد الإسلام، وما أصيبت به من ضعف واضطراب، مما يؤكد عمالة هذا الرجل أنه في أثناء الحملة الفرنسية عين عضوًا في المجمع الفرنسى، وكان قبل ذلك أستاذًا للتاريخ في مدرسة المعلمين بباريس.
انتهزت حكومة الإدارة تلك الفرصة وعجلت بتنفيذ الحملة الفرنسية موجهة إياها إلى مصر، في يوليه: سنة ١٧٩٨ م، وقد ظنت لسوء أحوال الشعب هناك وما ذاقوه من ظلم المماليك أنهم سيقفون في صفها ويلقونها بالتهليل والترحيب إلا أنه وقع ما لم يكن بالحسبان، فالشعب المصرى المسلم لم يتقبل هذا النوع من الانقلاب العسكرى لأنه كان على علم بأنه لا يخرج عن الاحتلال الصليبى الذي يأنفه المسلم الأبى، ويبذل من أجل رفعه النفس والنفيس، فكرهوا أمر هذه الحملة ومقتوها مقتًا شديدًا.
وفى أثناء بقاء هذه الحملة في مصر حدث في أوربا ما أضر بفرنسا وذلك أن نابليون تسلل خفية إلى فرنسا في سنة ١٧٩٩ م، وبقى الجيش الفرنسى في مصر دون أن يبلغ أطماعه بعد، إلى أن تم انسحابه منها في نهاية المطاف بالاتفاق مع بريطانيا (١).
ومع عدم تحقق أحلام الطامعين في الانتصار إلا أن هذه الحملة قد مثلت طورًا انتقاليًا في خطوط التدافع بين الدولة العثمانية والعالم الغربى، فقد شكلت الحملة الفرنسية نقلة نوعية في مسار الصراع بين قوى الغرب الصاعد وبين دورة الاجتماع العثمانى. وتتمثل الخاصية الأساسية لهذه النقلة فيما انطوت عليه هذه الحملة من
_________
(١) انظر: الشرق الإسلامى في العصر الحديث للأستاذ/ حسين مؤنس: ٧٣ - ٧٦.
1 / 19
إرساء لخطوط صراع جديدة تستجيب لاحتياجات أهداف استراتيجية، الغرض منها تفكيك توازنات الدولة العثمانية (١).
وهذا التحول في السياسة الخارجية الأوربية قد أدى بدوره إلى انقلاب وضعى خطير، تحولت به الدولة العثمانية من خط الهجوم إلى خط الدفاع كما انتقل العالم الأوربى إلى موقع الهجوم. وقد حدثت أثناء الدفاع تحولات كبيرة في الواقع المصرى كان من أهمها:
ولاية محمد على: فعلى أثر تلك الحملة الفرنسية التي استهدفت تقويض أمن البلاد حضرت قوة ألبانية تم تجميعها في إطار الجيش العثمانى لمعاونة الجيش المقاوم، وقد كان في مقدمتها الشاب الألبانى محمد على الذي استطاع في خلال فترة زمنية قصيرة أن يحوز على إعجاب قائده، والذي قام بترقيته إلى أن صار الرجل الثاني في هذه القوة، ولما كان يتمتع به من طموح وقوة وشجاعة ودراية فقد دخل في سلسلة من التحالفات والحروب مع العثمانيين والمماليك.
فقد أظهر محمد على منذ بداية حضوره على مسرح السياسة في مصر قدرة عالية على استيعاب دهادارة الصراع مع كافة القوى التي تحتل خارطة السلطة، مظهرًا بذلك ما يمتلكه من خبرة كبيرة في استخدام أساليب وتقنيات العمل السياسى السلطوى.
ولكن هذه الميزة الأساسية في شخصية محمد على لم تكن كافية في تمكينه من السيطرة على الحكم لولا توفر مقتضيات أساسية ساهمت مساهمة كبيرة في تمكينه من ذلك - بعد مشيئة الله - وقد تمثلت في الكتلة الشعبية التي كان يقودها السيد عمر مكرم، وإليها يعود الفضل - بعد الله - في توفير الشروط الأساسية التي أمنت لمحمد على مصادر القوة السياسية والشرعية التي تمكنه من التغلب على كافة القوى المناوئة له بحلول عام: ١٨٠٨ م (٢).
_________
(١) دولة محمد على والغرب، حسن الضيقة: ١٠٥.
(٢) دولة محمد على: ١٤٢.
1 / 20