352

«المقصد السادس في الأمارات المعتبرة شرعا»

ولا بد أولا من البحث عن أحكام القطع لشدة مناسبته بالمقام ، وعلى هذا فتقسيم المكلف إلى حالات تطرأ عليه وتكون مرتبطة بمطالب الاصولي على وجه لم يتداخل الأقسام يكون على نحو ما ذكره شيخنا المرتضى في حاشية الرسائل.

فنقول في توضيحه : اعلم أن المكلف يعني من وضع عليه قلم التكليف ، كما يقال : فلان صار مكلفا ، لا خصوص من تنجز عليه التكليف فعلا حتى يرد أن المقسم لا ينطبق على الأقسام ؛ فإن فيها من لا يكون له تكليف فعلي كما في مورد البراءة مثلا إذ التفت إلى حكم شرعي ، وهذا قيد احترازي ؛ فإن المكلف بالمعنى الذي ذكرنا يشمل الغافل، ووجه التقييد عدم جريان الحالات الثلاث من القطع وما بعده في الغافل ، مضافا إلى أن الغافل لا يتعلق بالبحث عن تكليفه في حال الغفلة غرض ؛ إذ لا يرجع فائدته لا إلى نفس الغافل في حال غفلته ولا إلى غيره ، وأما هو بعد الالتفات فيصير داخلا في موضوع الملتفت.

وبالجملة فهذا المقسم لا يخلو من قسمين ؛ لأنه إما يكون قاطعا بالحكم الواقعي أولا، فالأول هو المقصود بالبحث في مبحث حجية القطع ، وعلى الثاني إما يكون عنده طريق معتبر وأمارة معتبرة على الواقع أولا ، والأول هو المقصود في مبحث حجية الأمارات ، وعلى الثاني ولا محالة يكون شاكا في الحكم الواقعي إما يكون لشكه حالة سابقة ملحوظة ، يعني اعتبرها الشارع وراعاها أولا ، أعم من أن لا يكون لشكه حالة سابقة أصلا أو كان ولم يعتبرها الشارع كما في الشك في

Page 355