321

على كثيرين ، والصدق الطولي على كثيرين لا ينافي الجزئية ؛ فإن الكلية بمعنى السعة ، والجزئية بمعنى الضيق ، والذي لا يتحمل إلا مصداقا واحدا على البدل ضيق ، غاية الأمر مردد بين كثيرين ، وهذا معنى كونه جزئيا مرددا ، فالحق عدم الفرق بين النكرة في المقامين في كونه جزئيا حقيقيا غير قابل الصدق على كثيرين مرددا ، وأما الفرق بين الوحدة المأخوذة في النكرة وما هو مأخوذ في مفهوم الواحد فهو أن الوحدة في الثاني كلي ؛ فإنه عبارة عن جهة جامعة أخذ الذهن من أفراد كثيرة متصفة بها ، وهذا لا يمتنع أن يسع في عرض واحد كثيرين فيقال : هذا واحد وهذا واحد وهذا واحد.

نعم لا يصدق على اثنين ، فلا يشار إلى مجموع الشخصين بإشارة واحدة ويقال : هذا المجموع واحد ؛ فإنه مصداق للإثنين الذي هو ضد الواحد ، فعدم صدقه عليه كعدم صدق البقر على أفراد الإنسان.

وهذا بخلاف الوحدة في النكرة فإنها مأخوذة من شخص واحد دون أشخاص كثيرين ، كما في ما يوجد في الذهن عند رؤية الشبح من البعيد ، فالوحدة مأخوذة فيه من الشيء الخاص المرئي وليس مشتركا بينه وبين ما يشابهه ، وكذا في ما يقع موضوعا في الإنشاء أيضا يوجد الوحدة القائمة بالشخص لا القائمة بالأشخاص ، والميزان أنه لو تصور المعنى المتقيد بالوحدة واحد في الذهن على وجه لا يقبل لأن يصدق على هذا إلا بدلا لذاك ، وعلى ذاك إلا بدلا لهذا فهذا جزئي.

وإن كان قابلا لأن يصدق على هذا وذاك في عرض واحد فهذا كلي ، والنكرة موضوعة لملاحظته على الوجه الأول ، ومفهوم الواحد موضوع له بالملاحظة الثانية.

ثم لو أتى المكلف بما زاد على الواحد عند توجه الأمر بالنكرة إليه فإما أن يأتي على التدريج أو دفعة ، ففي الأول يمتثل بأول الأفراد وما سواه لغو مطلقا ، وعلى الثاني يكون الممتثل به واحدا لا على التعيين لو كان المراد هو الواحد اللابشرط ، وإن كان المراد الواحد بشرط لا يعني بشرط عدم الغير فلا يحصل الامتثال في هذه الصورة أصلا.

Page 324