لا شك أن للصيغة وضعين ماديا وهيئيا ، فالمادة أعني الحروف الأصلية الجارية في هيئات المشتقات موضوعة بحكم الوجدان للجامع المقسمي وهو معنى معرى عن كل قيد من المرة والتكرار والفور والتراخي بل الوجود والعدم ؛ ولهذا يصح أن يقال : هذه الطبيعة موجودة أو معدومة وهو المقسم لغير الآبي عن الحمل الذي هو معنى الأوصاف ، وللأبي عنه الذي هو معنى سائر المشتقات من المصادر وغيرها.
وأما الهيئة فهي موضوعة للإرادة إما الفعلية القائمة بالنفس وإما الإيقاعية ، فلا محالة يكون المعنى عند انضمام الهيئة بالمادة إرادة الطبيعة ، ولا شك أن الطبيعة بنفسها غير قابلة لتعلق الإرادة بها ؛ لأنها ليست إلا هي ، فلا بد بحكم العقل من لحاظ الوجود معها أعني جامع الوجودات الخارجية الذي هو بنفسه متحقق في الخارج كما في الذهن ، غاية الأمر أنه في الأول موصوف بالتكثر ، وفي الثاني بالوحدة ، فبانضمام القيد العقلي إلى المفاد اللفظي يصير المتحصل إرادة وجود الطبيعة.
وتعلق الطلب بالطبيعة بلحاظ الوجود يتصور على أربعة أنحاء :
الأول : أن يتعلق بها بلحاظ الوجود الساري بحيث صار عند التحليل كل وجود موضوعا مستقلا لطلب مستقل كما في «تواضع للعالم».
الثاني : أن يتعلق بلحاظ مجموع الوجودات من حيث المجموع.
الثالث : أن يتعلق بها بلحاظ إحدى الوجودات على نحو مدلول النكرة فيكون المطلوب ساريا إلى تمام الوجودات على البدل
فإن قلت : الطلب في هذه الثلاثة متعلق بالفرد ؛ لأن وجود الطبيعة عين الفرد فهي خارجة عن الفرض من تعلقه بالطبيعة.
قلت : للوجود إضافتان : واحدة إلى الفرد واخرى إلى الطبيعة ، والمراد في المقام هو بلحاظ إضافته إلى الطبيعة ، وهو وإن كان ينطبق في الخارج على الفرد لا محالة ، لكن سهم الصيغة ليس إلا صرف وجود الطبيعة بأحد هذه الأنحاء الذي هو منفك في الذهن عن جميع الخصوصيات الفردية ، فإفهامها محتاج إلى دال زائد.
الرابع : أن يتعلق بلحاظ صرف الوجود الذي هو نقض العدم الأزلي ، وهو
Page 104