جماعة وتحروا القبلة واختلفوا فمن علم منهم حال امامه وهو مخالفه فسدت صلاته لانه مخطئ للقبلة عنده ولو كان الكل صوابا والجهات قبلة لما فسدت ولما كلفوا التحري والطلب كالجماعة إذا صلوا في جوف الكعبة واما قوله أن المخطئ للقبلة لا يعيد صلاته فلانه لا يكلف اصابة الكعبة يقينا بل كلف طلبه على رجاء الاصابة لكن الكعبة غير مقصودة بعينها وانما المقصود وجه الله تعالى واستقبال القبلة ابتلاء فإذا حصل الابتلاء بما في قلبه من رجاء الاصابة وحصل المقصود وهو طلب وجه الله سقطت حقيقته إلا ترى أن جواز الصلاة وفسادها من صفات العمل والمخطئ في حق نفس العمل مصيب فثبت أن مسألة القبلة ومسألتنا سواء وهذا عندنا وعند الشافعي رحمه الله كلف المتحري اصابة حقيقة الكعبة حتى إذا اخطأ اعاد صلواته فاما من جعله مخطئا ابتداء و انتهاء فقداحتج بما روينا من اطلاق الخطأ في الحديث وبقول النبي صلى الله عليه وسلم في اسارى بدر حين نزل قوله تعالى
﴿لولا كتاب من الله سبق لمسكم﴾
الاية لو نزل بنا عذاب ما نجا إلا عمر واحتج اصحابنا بحديث عمرو بن العاص رضي الله عنه وبقول الله تعالى
﴿وكلا آتينا حكما وعلما﴾
والحكم والعلم إما أريد به العمل فأما اصابة المطلوب فمن أحدهما وقال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه للمسروق والاسود كلا كما أصاب و صنيع مسروق احب لي فيما سبق من ركعتي المغرب ولان كل مجتهد يكلف بما وسعه فاستوجب الأجر على ابتداء فعله و حرم الصواب و الثواب في آخره اما بتقصير منه أو حرمانا من الله تعالى ابتداء و أما قصة بدر فقد عمل النبي صلى الله عليه و سلم بإشارة أبي بكر الصديق رضي الله عنه فكيف يكون الخطأ الا أن هذا كان رخصة و المراد بالاية على حكم العزيمة لولا الرخصة فالمخطىء في هذا الباب لا يظلل ولا يعاتب الا ان يكون طريق الصواب بينا فيعاتب وانما نسبنا القول بتعدد الحقوق إلى المعتزلة لقولهم إلى المعتزلة لقولهم بوجوب الاصلح و في تصويب كل مجتهد وجوب القول بالاصلح وبان يلحق الولي بالنبي وهذا عين مذهبهم والمختار من العبارات عندنا أن يقال أن المجتهد يصيب ويخطئ على تحقيق المراد به احترازا عن الاعتزال ظاهرا وباطنا و على هذا ادركنا مشائخنا وعليه مضى اصحابنا المتقدمون والله اعلم ولو كان كل
Page 280