قال الشيخ الأمام رضي الله عنه الخبر المتواتر الذي اتصل بك من رسول الله صلى الله عليه وسلم اتصالا بلا شبهة حتى صار كالمعاين المسموع منه وذلك أن يرويه قوم لا يحصى عددهم ولا يتوهم تواطؤهم على الكذب لكثرتهم وعدالتهم وتباين اماكنهم ويدوم هذا الحد فيكون اخره وأوسطه كطرفيه وذلك مثل نقل القرآن والصلوات الخمس واعداد الركعات ومقادير الزكوات وما اشبه ذلك وهذا القسم يوجب علم اليقين بمنزلة العيان علما ضروريا ومن الناس من انكر العلم بطريق الخبر اصلا وهذا رجل سفيه لم يعرف نفسه ولا دينه ولا دنياه ولا امه ولا اباه مثل من انكر العيان وقال قوم أن المتواتر يوجب علم طمأنينة لا يقين ومعنى الطمأنينة عندهم ما يحتمل أن يتخالجه شك أو يعتريه وهم قالوا أن المتواتر صار جمعا بالآحاد وخبر كل واحد منهم محتمل والاجتماع يحتمل التواطؤ وذلك كاخبار الموجوس قصة زرادشت اللعين واخبار اليهود صلب عيسى عليه السلام وهذا قول باطل نعوذ بالله من الزيغ بعد الهدى بل المتواتر يوجب علم اليقين ضرورة بمنزلة العيان بالبصر والسمع بالاذن وصنعا وتحقيقا إما الوضع فأنا نجد المعرفة بابائنا بالخبر مثل المعرفة باولادنا عيانا ونجد المعرفة بانا مولودون نشأنا عن صغر مثل معرفتنا به في اولادنا ونجد المعرفة بجهة الكعبة خبرا مثل معرفتنا بجهة منازلنا سواء واما التحقيق فلان الخلق خلقوا على همم متفاوتة وطبايع متباينة لا تكاد تقع امورهم إلا مختلفة فلما وقع الاتفاق كان ذلك لداع اليه وهو سماع أو اختراع وبطل الاختراع لان تباين الاماكن وخروجهم عن الاحصاء مع العدالة يقطع الاختراع فتعين الوجه الآخر والطمأنينة على ما فسره المخالف إنما يقع بغفلة من المتأمل لو تأمل
Page 150