Usul
أصول السرخسي
Chercheur
أبو الوفا الأفغاني، رئيس اللجنة العلمية لإحياء المعارف النعمانية [ت ١٣٩٥ هـ]
Maison d'édition
لجنة إحياء المعارف النعمانية بحيدر آباد بالهند
فَيثبت مُقْتَضَاهُ على الْوَجْه الَّذِي يُوجِبهُ مَا هُوَ الْمُوجب الْأَصْلِيّ فِيهِ حَقِيقَة وكما أَن الْمَأْمُور بِهِ لَا يصير مَوْجُودا بِمُقْتَضى الْأَمر لِأَنَّهُ يَنْعَدِم بِهِ معنى الِابْتِلَاء فَكَذَلِك الْمنْهِي عَنهُ لَا يَنْعَدِم بِمُجَرَّد النَّهْي لتحقيق معنى الِانْتِهَاء وَإِذا لم يَنْعَدِم بَقِي مَشْرُوعا لَا محَالة
وَبَيَان تَخْرِيج الْمسَائِل على هَذَا الأَصْل أَن نقُول الصَّوْم مَشْرُوع فِي كل يَوْم بِاعْتِبَار أَنه وَقت اقْتِضَاء الشَّهْوَة عَادَة وَالصَّوْم منع النَّفس عَن اقْتِضَاء الشَّهْوَة لابتغاء مرضاة الله تَعَالَى وَيَوْم الْعِيد كَسَائِر الْأَيَّام فِي هَذَا فَكَانَ الصَّوْم مَشْرُوعا فِيهِ وبالنهي لم يَنْعَدِم هَذَا الْمَعْنى ثمَّ النَّهْي لَيْسَ لِأَنَّهُ صَوْم شَرْعِي وَلَكِن لما فِيهِ من معنى رد الضِّيَافَة وَإِلَيْهِ وَقعت الْإِشَارَة فِي قَوْله ﵇ فَإِنَّهَا أَيَّام أكل وَشرب وَهَذَا الْمَعْنى بِاعْتِبَار صفة الْيَوْم وَهُوَ أَنه يَوْم عيد فَيثبت الْقبْح فِي الصّفة دون الأَصْل وَهُوَ أَنه يكون حرَام الْأَدَاء والمؤدى يكون عَاصِيا بارتكابه مَا هُوَ حرَام وَيبقى أصل الصَّوْم مَشْرُوعا فِي الْوَقْت لِأَنَّهُ مَشْرُوع بِاعْتِبَار أصل الْيَوْم وَلَا قبح فِيهِ وَلِهَذَا قُلْنَا يَصح الْتِزَامه بِالنذرِ لِأَنَّهُ بِالنذرِ يصير مُلْتَزما فِي ذمَّته مَا هُوَ عبَادَة مَشْرُوعَة فِي الْوَقْت وَلَا فَسَاد فِي الْمَشْرُوع وَذكر الْيَوْم لبَيَان مِقْدَار مَا الْتَزمهُ على مَا بَينا أَن الْوَقْت معيار للصَّوْم وَلِهَذَا قَالَ أَبُو حنيفَة ﵀ (إِنَّه) لَا يلْزمه بِالشُّرُوعِ وَإِن أفْسدهُ بعد الشُّرُوع لَا يلْزمه الْقَضَاء لِأَن الشُّرُوع أَدَاء مِنْهُ فَيكون حَرَامًا فَاسِدا فَيكون هَذَا مطالبا بالكف عَنهُ شرعا لَا بإتمامه فَلَا يكون الْإِفْطَار جِنَايَة مِنْهُ على حق الشَّرْع وَلَا يبْقى فِي عهدته حَتَّى يحْتَاج إِلَى الْقَضَاء فَأَما بِالنذرِ فَلَا يصير مرتكبا لِلْحَرَامِ فَيصح نَذره وَيُؤمر بِالْخرُوجِ عَنهُ بِصَوْم يَوْم آخر وَبِه يتم التَّحَرُّز عَن ارْتِكَاب الْمحرم وَلَكِن لَو صَامَ فِيهِ خرج عَن مُوجب نَذره لِأَنَّهُ الْتزم الْمَشْرُوع فِي الْوَقْت ونتيقن أَنه أدّى الْمَشْرُوع فِي الْوَقْت إِذا صَامَ فَيسْقط عَنهُ الْوَاجِب وَإِن كَانَ الْأَدَاء فَاسِدا مِنْهُ كمن نذر أَن يعْتق عبدا بِعَيْنِه فَعمى ذَلِك العَبْد أَو كَانَ أعمى يتَأَدَّى الْمَنْذُور بإعتاقه وَلَا فرق بَينهمَا فَالْعَبْد مستهلك بِاعْتِبَار
1 / 88