167

Unknown

سلسلة الأحاديث الصحيحة وشيء من فقهها وفوائدها

Maison d'édition

مكتبة المعارف للنشر والتوزيع

Édition

الأولى

Année de publication

(لمكتبة المعارف)

Lieu d'édition

الرياض

مناقب معاوية لأنه في الحقيقة يصير دعاء له ".
وقد أشار الذهبي إلى هذا المعنى الثاني فقال في " سير أعلام النبلاء "
(٩ / ١٧١ / ٢):
" قلت: لعل أن، يقال: هذه منقبة لمعاوية لقوله ﷺ: اللهم
من لعنته أو سببته فاجعل ذلك له زكاة ورحمة ".
واعلم أن قوله ﷺ في هذه الأحاديث: " إنما أنا بشر أرضى كما
يرضى البشر.. " إنما هو تفصيل لقول الله ﵎: (قل إنما أنا بشر
مثلكم، يوحى إلي....) الآية.
وقد يبادر بعض ذوي الأهواء أو العواطف الهوجاء، إلى إنكار مثل هذا الحديث
بزعم تعظيم النبي ﷺ وتنزيهه عن النطق به! ولا مجال إلى مثل
هذا الإنكار فإن الحديث صحيح، بل هو عندنا متواتر، فقد رواه مسلم من حديث
عائشة وأم سلمة كما ذكرنا، ومن حديث أبي هريرة وجابر ﵄،
وورد من حديث سلمان وأنس وسمرة وأبي الطفيل وأبي سعيد وغيرهم.
انظر " كنز العمال " (٢ / ١٢٤) .
وتعظيم النبي ﷺ تعظيما مشروعا، إنما يكون بالإيمان بكل ما
جاء عنه ﷺ صحيحا ثابتا، وبذلك يجتمع الإيمان به صلى الله
عليه وسلم عبدا ورسولا، دون إفراط ولا تفريط، فهو ﷺ بشر،
بشهادة الكتاب والسنة، ولكنه سيد البشر وأفضلهم إطلاقا بنص الأحاديث
الصحيحة. وكما يدل عليه تاريخ حياته ﷺ وسيرته، وما حباه
الله تعالى به من الأخلاق الكريمة، والخصال الحميدة، التي لم تكتمل في بشر
اكتمالها فيه ﷺ، وصدق الله العظيم، إذ خاطبه بقوله
الكريم: (وإنك لعلى خلق عظيم) .

1 / 167