العرب، ونظيره من كلام العرب قول الخنساء الشاعرة السُّلَمية: (١) هريقي من دموعك واستفيقي ... وصبرًا إن أطَقْتِ ولن تُطيقي ولذا لما قال: ﴿فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا وَلَنْ تَفْعَلُوا﴾ قال: ﴿فَاتَّقُوا النَّارَ﴾ [البقرة: ٢٤] يعني: فاعلموا أن حجة الله وبرهانه قام عليكم بصدق هذا النَّبيُّ الكريم، وأن هذا المحكم المنزل كلام رب العالمين -جل وعلا- وقد تحداهم هنا بسورة منه قال: ﴿وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيبٍ مِمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ﴾ [البقرة / ٢٣] ثم تحدَّاهم في سورة يونس بسورة أيضًا قال: ﴿أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِثْلِهِ وَادْعُوا مَنِ اسْتَطَعْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (٣٨)﴾ [يونس / ٣٨] ثم تحدَّاهم في سورة هود بعشر سور قال: ﴿أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ فَأْتُوا بِعَشْرِ سُوَرٍ مِثْلِهِ مُفْتَرَيَاتٍ وَادْعُوا مَنِ اسْتَطَعْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (١٣)﴾ [هود / ١٣]. ثم قال: ﴿فَإِلَّمْ يَسْتَجِيبُوا لَكُمْ فَاعْلَمُوا﴾ [هود: ١٤] أي: فتيقنوا علمًا يقينًا ﴿أَنَّمَا أُنْزِلَ بِعِلْمِ اللَّهِ وَأَنْ لَا إِلَهَ إلا هُوَ فَهَلْ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ (١٤)﴾ [هود / ١٤] ثم تحدَّاهم في سورة الطور به كله قال: ﴿فَلْيَأْتُوا بِحَدِيثٍ مِثْلِهِ إِنْ كَانُوا صَادِقِينَ (٣٤)﴾ [الطور / ٣٤]. ثم بين في سورة بني إسرائيل -سورة الإسراء- أن جميع الخلائق عاجزون عن الإتيان بمثله قال: ﴿قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ لَا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا (٨٨)﴾ [الإسراء / ٨٨] هذا برهان إعجاز ذكرنا منه نموذجًا خفيفًا ليستدل به السامع على غيره.

(١) ديوان الخنساء (ص ١٠٣).