165

Inconnu

مقتطفات من السيرة

Genres

عقد علي ﵁ على فاطمة ﵂
فسيدنا علي لما قيل له: أهلًا ومرحبًا رجع ثانيًا إلى سيدنا الحبيب وقال له: يا رسول الله! أرضيت أن تزوجني فاطمة؟ قال: نعم يا علي! اذهب فأحضر أبا بكر وعمر وعثمان وطلحة والزبير ومثلهم من الأنصار؛ حتى يشهدوا على العقد.
فحضر العشرة، ودخلوا إلى بيت رسول الله ﷺ، فسأله رسول الله ﷺ: يا علي! ما عندك؟ قال: عندي درع حطمية، يعني: تتحطم السيوف عليها.
فقال رسول الله ﷺ: اذهب بعها يا بلال! في السوق، فباعها بأربعمائة درهم، وجاء بالأربعمائة وجلس متأدبًا بين يدي رسول الله ﷺ في حضور عشرة من صحابته رضوان الله عليهم جميعًا، فقال: يا علي! اخطب لنفسك.
فخطب علي في حضرة الحبيب المصطفى ﷺ فقال: الحمد لله شكرًا لأنعمه وأياديه، وأشهد أن لا إله إلا الله تبلغه وترضيه، وهذا محمد رسول الله ﷺ زوجني ابنته فاطمة على صداق مبلغه أربعمائة درهم، فاسمعوا ما يقول، واشهدوا على العقد.
فقال الصحابة بأدب: ماذا تقول يا رسول الله؟ قال ﷺ: الحمد لله المحمود بنعمته، المعبود بقدرته، المطاع بسلطانه، المهروب من عذابه، النافذ أمره في أرضه وسمائه، الذي خلق الخلق بقدرته، ونيرهم بأحكامه، وأعزهم بدينه، وأكرمهم بنبيه محمد ﷺ.
إن الله ﷿ جعل المصاهرة نسبًا لاحقًا، وأمرًا مفروضًا، وحكمًا عادلًا، وخيرًا جامعًا يعني: إن ربنا جعل المصاهرة تجمع بين الأسر، وهي تناسب وتقارب بين الناس، وقد قال أجدادنا: النسب مثل اللبن.
فلا تقل: إن القطيعة حصلت، وحاول أن تقرب، لا أن تبعد، ودع الوزر على من يقطع الأرحام.
اللهم لا تجعلنا من المقطعين للأرحام يا رب العالمين! أوشج بها الأرحام أي: اجعلها وشيجة وقربة، وألزمها الأنام، فقال ﷿: ﴿وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ مِنَ الْمَاءِ بَشَرًا فَجَعَلَهُ نَسَبًا وَصِهْرًا وَكَانَ رَبُّكَ قَدِيرًا﴾ [الفرقان:٥٤] وأمر الله يجري إلى قضاء، وقضاؤه يجري إلى قدره، ولكل قضاء قدر، ولكل قدر أجل، ولكل أجل كتاب ﴿يَمْحُوا اللَّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتَابِ﴾ [الرعد:٣٩] ثم إن الله قد أمرني أن أزوج فاطمة بنت خديجة من علي بن أبي طالب، فاشهدوا أني قد زوجته على أربعمائة مثقال فضة إلى آخر القصة.

8 / 19