الإلمام بشرح عمدة الأحكام
الإلمام بشرح عمدة الأحكام
Maison d'édition
مطبعة السعادة
Numéro d'édition
الثانية
Année de publication
١٣٩٢ ھ هـ - ١٩٧٢ م
Lieu d'édition
مصر
Genres
الْإلمامْ
بشَرح عُمْدَةِ الأحكامِ
تأليف
إسماعيل الأنصاري
الجزءُ الأوَّلُ
1 / 1
حقوق الطبع محفوظة للمؤلف
الطبعة الأولى
١٣٨١ هـ - ١٩٦٢ م
مطابع دار الفكر بدمشق
1 / 2
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف البشر وخاتم المرسلين وعلى آله وصحبه ومن دعى بدعوته إلى يوم الدين.
لما تعقدت الحياة وتشعبت نواحيها وكثرت مشاغلها وصارت الواجبات أكثر من الأوقات، أصبح لزامًا على المرء أن ينجز الشيء الكثير من أعماله في الزمن القليل. ومن ثم كلت العزائم وضعفت الهمم عن الرجوع إلى المصادر والمطولات من الكتب وخاصة الدينية منها. فلجأ أكثر طلبة العلم إلى المقتطفات والمختصرات حرصًا على اتمام الواجبات المدرسية الكثيرة المنوطة بهم.
ولعله لا يخفى على الطالب النبيه فضلًا عن المتمرس الخبير أن عملية اختصار الكتب مع المحافظة على مادتها وروحها، أو الكتابة الموجزة مع الدقة والاستيعاب والصواب ليست عملية سهلة ميسورة على كل مؤلف أو كاتب، بل تحتاج إلى سعة اطلاع وخبرة وتمكن في مادة الكتاب وعلوم اللسان.
ومؤلف هذا الكتاب الشيخ إسماعيل الأنصاري هو أحد أولئك القلائل الذين برزوا في العلوم الإسلامية وخاصة علوم الحديث وعلوم اللسان.
فجاء عنوان كتابه (الإلمام بشرح عمدة الأحكام) معبرًا عن الكتاب أصدق تعبير إذ أن الطالب إذا قرأه ألم إلمامًا تامًا بجميع الأحكام المستنبطة الواردة في العمدة بأيسر وقت وأقل جهد،
1 / 3
ولعل المرء يحار في سر تفوق المؤلف ونجاحه في هذا الكتاب. .!
هل يرجع هذا السهولة أسلوبه ووضوح عبارته وإيجازه مع الإيفاء بالغرض وعدم تحميل النصوص مالا تحتمل؟ . أم لحسن ترتيبه وجودة عرضه وعدم التمحل والتكلف في استنباط الأحكام من الأحاديث؟ . أم لكثرة اطلاع المؤلف ورجوعه إلى المصادر المعتبرة والمراجع الموثوقة؟ .
لا شك أن جميع تلك الأوصاف ساعدت على نجاح كتاب الإلمام وأصبح اسمًا على مسمى. نفع الله به طلبة العلم وأجزل الأجر والثواب لمؤلفه وجزاه الله عن المسلمين خير الجزاء.
الرياض في ٦/ ٦/ ١٣٨١
مدير دار الثقافة الإسلامية
محمّد رشدي بن مصطفى مفتي
1 / 4
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
يقول الفقير إلى رحمة ربه الباري إسماعيل بن محمد الأنصاري، الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد فإن كتاب "إحكام الأحكام" للإمام العلامة محمد بن علي بن وهب المعروف بابن دقيق العيد كتاب جليل يعتبر أحسن ما يوجد اليوم من شروح كتاب العمدة للإمام الحافظ عبد الغني بن عبد الواحد الجماعيلي لكنه لما فيه من تحقيقات أصولية وتدقيقات يسلك ابن دقيق العيد فيها مسلك الترجيح تارة وتارة مسلك التوقف لتكافأ الأدلة عنده صار صعبًا على طلبة العلم الذي كان من ضمن مقرراتهم فلهذا اعتنيت غاية الاعتناء بترتيبه على الوضع الذي نرى أنه أقرب وأسهل وأضفنا إليه مما يتعلق ببيان معاني الكلمات وبيان الأحكام ما لا بد منه مما جمعناه من كتاب الإِمام الحافظ ابن حجر "فتح الباري" وغيره كما عرفنا الرواة على سبيل الاختصار واكتفينا في ذلك بترجمة الراوي أول مرة ذكر فيه مخافة الإكثار وأضفنا إلى ذلك تعليقات يسيرة تتضمن بيان ما خالف شرط مؤلف المتن الحافظ عبد الغني حسب ما جمعناه من الإحكام والفتح وعمدة القاري للعيني ورجاؤنا من الله أن يتقبل مني هذا العمل وأن ينفع به طلبة الحديث الحريصين على كتاب "العمدة" إنه سميع قريب مجيب وهو حسبي ونعم الوكيل.
إسماعيل الأنصاري
1 / 5
مقدمة المتن
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
الحمد لله الملك الجبار الواحد القهار وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، رب السموات والأرض وما بينهما العزيز الغفار وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله المصطفى المختار صلى الله عليه وعلى آله وصحبه الأطهار الأخيار.
أما بعد فإن بعض الإخوان سألني اختصار جملة في أحاديث الأحكام مما اتفق عليه الإِمامان: أبو عبد الله محمد بن إسماعيل بن إبراهيم البخاري ومسلم بن الحجاج بن مسلم القشيري النيسابوري فأجبته إلى سؤاله رجاء المنفعة به.
وأسأل الله تعالى أن ينفعنا به، ومن كتبه أو سمعه أو قرأه أو حفظه أو نظر فيه، وأن يجعله خالصًا لوجهه الكريم موجبًا للفوز لديه في جنات النعيم فإنه حسبنا ونعم الوكيل.
1 / 6
كتاب الطهارة
١ - الحديث الأول عن عمر بن الخطاب ﵁ قال: سمعت رسول الله ﷺ يقول: "إنما الأعمال بالنيات - وفي رواية: بالنية - وإِنما لكل امرىء ما نوى، فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله، فهجرته إلى الله ورسوله، ومن كانت هجرته إلى دنيا يصيبها أو امرأة يتزوجها؛ فهجرته إلى ما هاجر إليه".
راويه
أمير المؤمنين أبو حفص عمر بن الخطاب بن نفيل القرشي العدوي يجتمع مع رسول الله ﷺ في كعب بن لؤي أسلم بمكة قديمًا وشهد المشاهد كلها وولي الخلافة بعد أبي بكر الصديق وقتل سنة ثلاث وعشرين من الهجرة في ذي الحجة لأربع مضين منه وقيل لثلاث.
مفرداته
إنما: للحصر وهو إثبات الحكم في المذكور ونفيه عما عداه.
الأعمال: البدنية أقوالها وأفعالها فرضها ونفلها الصادرة من المكلفين المؤمنين.
بالنيات: بتشديد الياء وتخفيفها جمع نية وهي عزم القلب.
وإنما لكل امرىء ما نوى: فمن نوى شيئًا لم يحصل له غيره.
1 / 7
فمن كانت هجرته: انتقاله من دار الشرك إلى دار الإسلام.
إلى الله ورسوله: بأن يكون قصده بالهجرة طاعة الله ﷿ ورسوله ﷺ.
فهجرته إلى الله ورسوله: حكمًا وشرعًا.
دنيا: بضم الدال وكسرها وهي ما على الأرض مع الهواء والجو مما قبل قيام الساعة وقيل المراد هنا المال بقرينة عطف المرأة عليها.
يصيبها: يحصلها.
فهجرته إلى ما هاجر إليه: من الدنيا والمرأة فالأول تاجر والثاني خاطب.
يستفاد منه
١ - الحث على الإخلاص ولذلك استحب العلماء استفتاح المصنفات بهذا الحديث تنبيهًا للطالب على تصحيح النية.
٢ - أن جميع الأعمال الشرعية لا تعتبر إلا بالنية ومن جملتها الطهارة التي ترجم بها المصنف.
٣ - فضل الهجرة إلى الله ورسوله وقد وقعت الهجرة في أول الإسلام على وجهين:
الأول: الانتقال من دار الخوف إلى دار الأمن كما في الهجرتين إلى الحبشة وابتداء الهجرة من مكة إلى المدينة، الثاني: الهجرة من دار الكفر إلى دار الإيمان وذلك بعد أن استقر النبي ﷺ بالمدينة وهاجر إليه من أمكنه ذلك من المسلمين وكانت الهجرة إذ ذاك تختص بالانتقال إلى المدينة إلى أن فتحت مكة فانقطع الاختصاص وبقي عموم الانتقال من دار الكفر إلى دار الإسلام لمن قدر عليه واجبًا.
٤ - أن الأفعال المتقرب بها إلى الله ﷿ لا يترتب الثواب على مجردها حتى يقصد بها التقرب إليه.
1 / 8
٢ - الحديث الثاني عن أَبي هريرة ﵁ قال قال رسول الله ﷺ: "لا يقبل الله صلاة أَحدكم إذا أحدث حتى يتوضأ".
راويه
أبو هريرة عبد الرحمن بن صخر أسلم عام خيبر سنة سبع من الهجرة ولزم رسول الله ﷺ وكان من أحفظ الصحابة، سكن المدينة وتوفي سنة سبع أو ثمان أو تسع وخمسين.
مفرداته
لا يقبل الله: لا يرضى.
أحدث: وجد منه الحدث وتفسير أبي هريرة له بالفساء أو الضراط تنبيه بالأخف على الأغلظ.
حتى يتوضأ: يتطهر بماء أو تراب واقتصر على الوضوء لكونه الأصل والغالب وفي الكلام حذف تقديره حتى يتوضأ ويصلي لاستحالة قبول صلاة غير مفعولة.
يستفاد منه
١ - اشتراط الطهارة لصحة الصلاة لأن المراد بانتفاء القبول هنا انتفاء الصحة والإثابة معًا بخلاف نفيه في مثل صلاة العبد الآبق فإن المراد به نفي الثواب فقط.
٢ - أن الوضوء لا يجب لكل صلاة لأن القبول انتفى إلى غاية الوضوء وما بعد الغاية مخالف لما قبلها فيقتضي ذلك قبول الصلاة بعد الوضوء مطلقًا وتدخل تحته الصلاة الثانية قبل الوضوء لها ثانيًا.
1 / 9
٣ - الحديث الثالث عن عبد الله بن عمرو بن العاص وأبي هريرة وعائشة ﵃ قالوا قال رسول الله ﷺ: "ويل للأعقاب من النار".
رواته
(١) عبد الله بن عمرو بن العاص بن وائل السهمي: أحد حفاظ الصحابة للحديث والمكثرين فيه عن رسول الله ﷺ مات سنة ثلاث وستين وقيل سنة ثلاث وسبعين وقيل غيره.
(٢) أبو هريرة تقدم الكلام عليه.
(٣) عائشة بنت أبي بكر الصديق عبد الله بن عثمان القرشي التيمي يجتمع مع رسول الله ﷺ في مرة بن كعب تزوجها رسول الله ﷺ بمكة قبل الهجرة بسنتين أو ثلاث وتوفيت سنة سبع أو ثمان وخمسين.
مفرداته
ويل: واد في جهنم.
للأعقاب: للمقصرين في غسل الأعقاب والأعقاب جمع عقب وهو مؤخر القدم.
يستفاد منه
١ - وجوب تعميم الأعضاء بالمطهر وأن ترك البعض منها غير مجزئ وتخصيص الأعقاب بالذكر لأنها هي سبب الحديث فإنه ﷺ رأى قومًا وأعقابهم تلوح فقال لهم هذا.
٢ - أن واجب الرجلين الغسل لا المسح وجميع من وصف وضوء رسول الله ﷺ في مواطن مختلفة وعلى صفات متعددة متفقون على غسل الرجلين.
٣ - أن العقب محل للتطهير فيبطل قول من يكتفي بالتطهير فيها دون ذلك.
1 / 10
٤ - الحديث الرابع عن أبي هريرة ﵁ أن رسول الله ﷺ قال: "إذا توضأ أحدكم فليجعل في أنفه ثم لينتثر، ومن استجمر فليوتر، وإذا استيقظ أحدكم من نومه فليغسل يديه قبل أن يدخلها في الإناء ثلاثًا. فإن أحدكم لا يدري أين باتت يده".
وفي لفظ لمسلم "فليستنشق بمنخريه من الماء"
وفي لفظ: "من توضأ فليستنشق"
راويه
أبو هريرة ﵁
مفرداته
إذا توضأ: إذا شرع في الوضوء
فليجعل في أنفه: ماء لرواية أبي ذر بدون حذف "ماء" ولم يذكر هنا لدلالة الكلام عليه.
لينتثر: ليدفع الماء للخروج من الأنف.
استجمر: استعمل الأحجار الصغار في الاستطابة.
فليوتر: ليجعل عدد المسحات ثلاثًا أو خمسًا أو فوق ذلك من الأوتار.
أين باتت يده من جسده: هل لاقت مكانًا طاهرًا أم نجسًا.
فليستنشق: ليجذب الماء إلى أنفه.
بمنخريه: بفتح الميم وكسر الخاء وبكسرهما جميعًا لغتان ثقبي الأنف.
1 / 11
يستفاد منه
١ - الأمر بالاستنشاق في الوضوء وبظاهره استدل، من أوجبه ومن حمل الأمر على الندب استدل بالإحالة في حديث "توضأ كما أمرك الله" على الآية وليس فيها ذكر الاستنشاق.
٢ - أن الاستنشاق غير الاستنثار لاقتضاء الجمع بينها في حديث واحد التغاير.
٣ - جواز استعمال الأحجار في الاستطابة والأمر بالإيتار فيها وحديث سلمان عند مسلم أن النبي ﷺ "نهى عن الاستجمار بأقل من ثلاثة أحجار" يبين المراد بالإيتار.
٤ - الأمر بغسل اليدين قبل إدخالها في الإناء في ابتداء الوضوء عند الاستيقاظ من النوم وخص أحمد بن حنبل وجوبه بنوم الليل لقوله ﷺ "باتت يده" وتؤيده رواية أبي داود والترمذي "إذا قام أحدكم من الليل" وأما غسل اليدين في ابتداء الوضوء لمن لم يقم من النوم فقد أثبتته النصوص الواردة في صفة وضوء النبي ﷺ.
٥ - الفرق بين ورود الماء على النجاسة وبين ورود النجاسة على الماء لأن النهي عن إدخالها في الإناء قبل غسلها يقتضي أن ورود النجاسة على الماء مؤثر فيه.
٦ - الأخذ بالوثيقة والعمل بالاحتياط.
1 / 12
٥ - الحديث الخامس عن أبي هريرة ﵁ أن رسول الله ﷺ قال: "لا يبولن أَحدكم في الماء الدائم الذي لا يجري، ثم يغتسل منه" ولمسلم: "لا يغتسل أحدكم في الماء الدائم وهو جنب".
راويه
أبو هريرة ﵁.
مفرداته
الدائم: فسر في نفس الحديث بأنه الذي لا يجري.
ثم يغتسل: برفع اللام على المشهور على تقدير "ثم هو يغتسل".
يستفاد منه
١ - النهي عن الاغتسال في الماء الراكد بعد البول فيه وأما النهي عن البول في الماء الراكد فقط فقد ثبت في حديث جابر عند مسلم أن النبي ﷺ "نهى عن البول في الماء الراكد".
٢ - نهي الجنب عن الاغتسال في الماء الدائم.
٣ - أن الماء الجاري بخلاف الدائم لأنه إذا خالطته النجاسة دفع الجزء الذي يليه وصار في معنى المستهلك ويخلفه الطاهر الذي لم يخالط النجس.
1 / 13
٦ - الحديث السادس عن أبي هريرة ﵁ أن رسول الله ﷺ قال: "إذا شرب الكلب في إِناء أَحدكم فليغسله سبعًا". ولمسلم: "أولاهن بالتراب". وله في حديث عبد الله بن مغفل أن رسول الله ﷺ قال: "إذا ولغ الكلب في الإناء فاغسلوه سبعا وعفروه الثامنة بالتراب".
راوياه
(١) أبو هريرة.
(٢) عبد الله بن مغفل بمعجمة وفاء ثقيلة ابن عبيد بن نهم بفتح النون وسكون الهاء أبو عبد الرحمن المزني صحابي بايع تحت الشجرة ونزل البصرة مات سنة سبع وخمسين.
مفرداته
في إناء أحدكم: الإضافة هنا ملغاة الاعتبار لأن ذلك لا يتوقف على الملك.
سبعًا: سبع مرات.
ولغ الكلب: شرب بطرف لسانه أو أدخل لسانه فيه فحركه واللام في الكلب لتعريف الجنس.
عفروه: بذر التراب عليه أو إيصاله بالماء إليه.
1 / 14
يستفاد منه
١ - نجاسة ما ولغ فيه الكلب لأن الأمر بالغسل ظاهر في تنجيس الإناء وأقوى من هذا الحديث في الدلالة على ذلك الرواية الصحيحة بلفظ "طهور إناء أحدكم إذا ولغ فيه الكلب أن يغسل سبعًا".
٢ - اعتبار السبع في عدد الغسلات وفي رواية "وعفروه الثامنة بالتراب". زيادة مرة ثامنة يحتاج من لم يقل بها إلى تأويل الحديث بما فيه استكراه.
٣ - تتريب الإناء المولوغ فيه وقد اختلفت الروايات في موضعه ففي بعضها "أولاهن" وفي بعضها "أخراهن" وفي بعضها "إحداهن" ويمكن الجمع بينها بأن المقصود حصول التتريب في مرة من المرات.
٤ - أن الصابون والأشنان لا يقومان مقام التراب في ذلك لأن النص إذا ورد بشيء معين واحتمل معنى يختص بذلك الشيء لم يجز إلغاء النص واطراح خصوص المعين فيه.
٥ - أن الماء القليل ينجس بوقوع النجاسة فيه وإن لم يتغير.
1 / 15
٧ - الحديث السابع عن حمران مولى عثمان بن عفان ﵄ "أنه رأى عثمان دعا بوَضوء فأفرغ على يديه من إنائه فغسلهما ثلاث مرات ثم أدخل يمينه في الوَضوء ثم تمضمض واستنشق واستنثر ثم غسل وجهه ثلاثًا ويديه إلى المرفقين ثلاثًا ثم مسح برأسه ثم غسل كلتا رجليه ثلاثًا ثم قال رأيت النبي ﷺ يتوضأ نحو وضوئي هذا وقال من توضأ نحو وضوئي هذا ثم صلى ركعتين لا يحدث فيهما نفسه غفر له ما تقدم من ذنبه"
راويه
حمران بن أبان بن خالد كان من سبي عين التمر ثم تحول إلى البصرة احتج به الجماعة وكان كبيرا.
مفرداته
رأى عثمان: ابن عفان بن أبي العاص بن أمية بن عبد شمس الأموي أمير المؤمنين ذا النورين أحد السابقين الأولين والخلفاء الأربعة استشهد في ذي الحجة بعد عيد الأضحى سنة خمس وثلاثين من الهجرة.
بوضوء: بفتح الواو ما يتوضأ به.
فأفرغ: صب.
تمضمض: جعل الماء في فمه وأداره فيه ثم مجه.
استنشق: أوصل الماء إلى داخل أنفه وجذبه بالنفس إلى أقصاه.
1 / 16
استنثر: أخرج الماء من أنفه بعد الاستنشاق.
إلى المرفقين: بفتح الميم وكسر الفاء وبالعكس العظمين الناتئين في آخر الذراع وما بعد "إلى" هنا في حكم ما قبلها لفعل الرسول ﷺ المبين للواجب.
نحو: مثل.
لا يحدث فيهما نفسه: بشيء من أمور الدنيا وما لا يتعلق بالصلاة.
غفر له ما تقدم من ذنبه: من الصغائر والمغفرة ستر الذنب مع وقاية شره.
يستفاد منه
١ - التعليم بالفعل وهو أبلغ وأضبط.
٢ - بيان صفة الوضوء وفي صحيح مسلم عن ابن شهاب قال كان علماؤنا يقولون هذا الوضوء أسبغ ما يتوضأ به أحد للصلاة.
٣ - استحباب غسل اليدين قبل إدخالهما في الإناء في ابتداء الوضوء وإن لم يكن قائمًا من النوم.
٤ - الأمر بالمضمضة والاستنشاق والاستنثار في الوضوء.
٥ - الترتيب بين المفروض والمسنون.
٦ - استيعاب الرأس بالمسح مرة واحدة.
٧ - التكرار في غسل الرجلين ثلاثًا ومن لم يوجب هذا العدد واستدل برواية "فغسل رجليه حتى أنقاهما"، ولم يذكر عددًا.
٨ - استحباب صلاة ركعتين عقب الوضوء وأن الثواب المذكور في الحديث يترتب على الوضوء على تلك الكيفية وعلى صلاتهما بعده.
٩ - الترغيب في الإخلاص وتحذير المصلي من التفكير فيما لا يتعلق بصلاته.
1 / 17
٨ - الحديث الثامن عن عمرو بن يحيى المازني عن أبيه قال "شهدت عمرو بن أبي حسن سأل عبد الله بن زيد عن وضوء النبي ﷺ فدعا بتور من ماء فتوضأ لهم وضوء رسول الله ﷺ فأكفأ على يديه من التور فغسل يديه ثلاثًا ثم أدخل يده في التور فمضمض واستنشق واستنثر ثلاثًا بثلاث غرفات ثم أدخل يده فغسل وجهه ثلاثًا ثم أدخل يده في التور فغسلهما مرتين إلى المرفقين، ثم أَدخل يده في التور فمسح رأسه فأقبل بهما وأدبر مرة واحدة ثم غسل رجليه" وفي رواية "بدأ بمقدم رأسه حتى ذهب بهما إلى قفاه ثم ردهما حتى رجع إلى المكان الذي بدأ منه" وفي رواية "أتانا رسول الله ﷺ فأخرجنا له ماء في تور من صفر".
راويه
عمرو بن يحيى بن عمارة بن أبي حسن الأنصاري المازني المدني ثقة روى له الجماعة وكذلك أبوه ثقة اتفقوا عليه.
مفرداته
شهدت: حضرت
عمرو بن أبي حسن: عم أبي عمرو راوي الحديث
عبد الله بن زيد: هو عبد الله بن زيد بن عاصم لا عبد الله بن زيد بن عبد ربه صاحب حديث الأذان ورؤيته في المنام.
وضوء رسول الله: مثل وضوئه أطلق عليه وضوؤه مبالغة.
1 / 18
فأكفأ: أمال.
من التور: شبه الطست.
فمضمض: جعل الماء في فيه واداره ثم مجه.
واستنشق: أوصل الماء إلى داخل أنفه وجذبه بالنفس إلى أقصاه.
واستنثر: أخرج الماء من أنفه بعد الاستنشاق.
إلى المرفقين: بفتح الميم وكسر الفاء وبالعكس العظمين الناتئين في آخر الذراع.
فأقبل بهما وأدبر: بدأ بمقدم رأسه حتى ذهب بها إلى قفاه ثم ردهما حتى ردهما إلى المكان الذي بدأ منه كما في الرواية الآتية.
يستفاد منه
١ - جواز الوضوء من آنية الصفر وكذلك جميع الأواني إلا الذهب والفضة.
٢ - التعليم بالفعل.
٣ - غسل اليدين قبل إدخالهما في الإِناء في ابتداء الوضوء.
٤ - كيفية المضمضة والاستنشاق بالنسبة إلى الفصل والجمع فقد دل الحديث على أنه تمضمض واستنشق من غرفة ثم فعل كذلك مرة أخرى ثم فعل كذلك مرة أخرى.
٥ - جواز التكرار ثلاثًا في بعض أعضاء الوضوء واثنتين في بعضها وقد ثبت من فعل النبي ﷺ الوضوء مرة مرة ومرتين مرتين وثلاثًا ثلاثًا وبعضه ثلاثًا وبعضه مرتين والأخير هو الذي دل عليه هذا الحديث.
٦ - عدم التكرار في مسح الرأس وكل ما ورد في روايات المسح مطلقًا يقيد بقوله في هذا الحديث "مرة".
٧ - استيعاب الرأس بالمسح وتفسير الإقبال والإدبار.
1 / 19
٩ - الحديث التاسع عن عائشة ﵂ قالت كان رسول الله ﷺ "يعجبه التيمن في تنعله وترجله وطهوره وفي شأنه كله".
راويه
عائشة بنت أبي بكر الصديق ﵄.
مفرداته
يعجبه التيمن: الابتداء باليمين تفاؤلا يكون أصحاب اليمين أهل الجنة.
في تنعله: في لبسه النعل يبدأ بالرجل اليمنى.
وترجله: تمشيط شعر رأسه ولحيته يبدأ بالشق الأيمن.
وطهوره: بضم الطاء يبدأ باليد اليمنى في الوضوء وبالشق الأيمن في الغسل.
وفي شأنه كله: فيما كان من باب التكريم والتزيين وأما ما سوى ذلك كدخول الخلاء ونحوه فيتياسر فيه.
يستفاد منه
استحباب الابتداء باليمين فيما ذكر وفي جميع ما كان من باب التكريم والتزيين كالصلاة عن يمين الإمام وفي ميمنة المسجد وكالأكل والشرب ونحو ذلك وفي رواية عن البخاري زيادة "ما استطاع" بعد قوله "يعجبه التيمن" فدل ذلك على تقييد المحافظة على التيمن بما إذا لم يمنع منه مانع.
1 / 20