وتصفية الْقُلُوب من شوائب الشره فِي حب الدُّنْيَا، وَحمل الطبائع بوسائل الْقَهْر والتمرين على الِاسْتِئْنَاس بِاللَّه وبعبادته عوضا عَن الملاهي الْمضرَّة، وَذَلِكَ طِبًّا للراحة الفكرية والعيشة الهنية فِي الْحَيَاة الدُّنْيَا والسعادة الأبدية فِي الْآخِرَة، وَأَيْنَ التهوين السالف الْبَيَان لصوفية الزَّمَان من هَذِه المطالب التهذيبية الشاقة؟ وَمن حقائق الْعرْفَان المعنوية الَّتِي لَا يعرفهَا ويتلبس بهَا إِلَّا من وَفقه الله وكشف عَن بصيرته. وَذَلِكَ نَحْو الْعرْفَان عَن يَقِين وإيمان: أَن من اعز كلمة الله أعزه الله، وَمن نصر الله نَصره الله، وَمن توقع الْخَيْر أَو الشَّرّ جَازِمًا نَالَ مَا توقع. وَمن تصفو نَفسه يلهم رشده، وَمن اتكل على الله حَقًا كَفاهُ الله مَا أهمه، وَمن دَعَا الله مُضْطَرّا أجَاب دعاءه. إِلَى غير ذَلِك من الْحَقَائِق المقتبسة من الْقُرْآن وأسرار حِكْمَة سيد ولد عدنان [ﷺ] . (مرحى) .
قَالَ الْأُسْتَاذ الرئيس: قد أحسن أخونا الشَّيْخ السندي توصيفه المتفقهة المتشددة والمتصوفة المخففة، وَإِنِّي مُلْحق تَقْرِيره بِمَا يُنَاسب أَن يكون مُقَدّمَة تاريخية لبحث التصوف فَأَقُول:
قد كَانَ التنسك فِي الْمُسلمين شِيمَة لأكْثر الصَّحَابَة وَالتَّابِعِينَ، ثمَّ أَن التَّوَسُّع فِي الدُّنْيَا قلل عدد المتنسكين، فَصَارَ لأَهله حرمه