Umm Al-Qura University Journal 19-24
مجلة جامعة أم القرى ١٩ - ٢٤
Genres
نصّ شيخ الإسلام ابن تيمية (ت ٧٢٨هـ) على أنها اشتملت على «تقرير أصول العلم وقواعد الدين» (١)، وبهذا تظهر المناسبة جلية بين السورة والآيتين التي ورد فيهما ذكر داود وسليمان وهما قوله تعالى: ﴿وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُو الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ﴾ (٢)، وقوله تعالى: ﴿وَقَتَلَ دَاوُدُ جَالُوتَ وَآتَاهُ اللَّهُ الْمُلْكَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَهُ مِمَّا يَشَاءُ﴾ (٣) ففي الآية الأولى تبرئة من الله تعالى لسليمان من السحر، فإن اليهود كانوا يقولون - افتراءً - «هذا علم سليمان، وما تم لسليمان ملكه إلا بهذا العلم» (٤)، فمعنى الآية: واتبع اليهود ما كانت تتلوه الشياطين من كتب السحر والشعوذة على عهد ملك سليمان، وقوله جلّ وعلا: ﴿وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ﴾ (٥) لأن اليهود نسبته إلى السحر، «ولكن لما كان السحر كفرًا صار بمنزلة من نسبه إلى الكفر» (٦) .
وفي الآية الأخرى يمتن الله على داود بما آتاه وعلّمه، وقد استنبط الفخر الرازي (ت٦٠٤ هـ) من هذه الآية أصلًا من أصول التعلم فقال: «فإن: قيل إنه تعالى لما ذكر إنه آتاه الحكمة وكان المراد بالحكمة النبوة، فقد دخل العلم في ذلك، فلِم ذكره بعد ﴿وَعَلَّمَهُ مِمَّا يَشَاءُ﴾؟.
قلنا: المقصود منه التنبيه على أن العبد قط لا ينتهي إلى حالة يستغني عن
_________
(١) دقائق التفسير ١/١٩٥.
(٢) البقرة، الآية ١٠٢.
(٣) البقرة، الآية ٢٥١.
(٤) الزمخشري: الكشاف ١/٣٠١.
(٥) انظر المصدر السابق، ابن عطية: المحرر ١/٤١٥، ابن العربي: أحكام القرآن ١/٢٨.
(٦) القرطبي: الجامع لأحكام القرآن ٢/٤٣.
1 / 5