Umm Al-Qura University Journal 19-24
مجلة جامعة أم القرى ١٩ - ٢٤
Genres
الحسن، وأصله الآلة المعروفة، وأطلق اسمها على الصوت للمشابهة، ونص غير واحد على أن المقصود بآل داود: داود نفسه، وإليه المنتهى في حسن الصوت، ولم يعرف من أقاربه أنه كان أعطي من حسن الصوت ما أعطي، ف (آل) هنا مقحمة (١)، ولا يبعد أن يكون آل داود قد أورثوا هذه الهبة، وإنما خُصّ داود ﵇ من بينهم بتسبيح الجبال معه والطير، كما قال تعالى: ﴿وَسَخَّرْنَا مَعَ دَاوُدَ الْجِبَالَ يُسَبِّحْنَ وَالطَّيْرَ﴾ (٢)، وقال تعالى: ﴿إِنَّا سَخَّرْنَا الْجِبَالَ مَعَهُ يُسَبِّحْنَ بِالْعَشِيِّ وَالإِشْرَاقِ * وَالطَّيْرَ مَحْشُورَةً كُلٌّ لَهُ أَوَّابٌ﴾ (٣)، وهذا التسخير معجزة من الله لنبيه داود ﵇، وتسبيح الجبال والطير معه تسبيح حقيقي مسموع، لا يجوز صرفه عن ظاهره إلا بدليل يعوّل عليه (٤)، وقد أشارت الآيات إلى أمرين:
أولاهما: أن وقت التسبيح بالعشي والإشراق، والعشي: من وقت العصر إلى الليل، والإشراق بالغداة وقت الضحى (٥) .
ثانيهما: أن ذلك مقصور على الجبال والطير فقط، فكان «إذا سّبح أجابته الجبال واجتمعت إليه الطير فسبحت معه، واجتماعها إليه كأن حشرها» (٦) .
وكذلك الصوت الحسن الذي امتن الله به على داود موهبة كريمة من الله تعالى، ونص بعض المفسرين على أنه من العلم الذي أشار الله إليه في قوله تعالى: ﴿وَعَلَّمَهُ مِمَّا يَشَاءُ﴾ (٧)، وأطلق بعضهم عليه علم الألحان (٨) .
_________
(١) انظر ابن الأثير: النهاية في غريب الحديث، مادة (زمر) ٢/٣١٢، القرطبي: الجامع لأحكام القرآن ١٤/٢٦٥، ابن حجر: فتح الباري ١٩/١١٢.
(٢) الأنبياء الآية ٧٩.
(٣) ص، الآيتان ١٨،١٩.
(٤) انظر الآلوسى روح المعانى ٢٢/١١٢، محمد الأمين: أضواء البيان ٤/٦٧٢.
(٥) انظر الطبرى: جامع البيان٢٢/١٣٧.
(٦) المصدر السابق ٢٢/١٣٨.
(٧) البقرة، الآية ٢٥١.
(٨) الرازي: مفاتيح الغيب ٣/٢٠٤ أبوحيّان: البحر ٢/٢٦٨.
1 / 30