[46_2]
ربه فيما فيه بقاء النعمة عليهم، وسلامة أديانهم، وتخفيف أواصر عنهم، حتى قبضه الله إليه صلى الله عليه، ناصحا متنصحا، أمينا مأمونا، قد بلغ الرسالة، وأدى النصيحة، وقام بالحق، والعدل عمود الدين، حتى اعتدل ميله، وذل الشرك وأهله، وأنجز الله له وعده، وأراه صدق أسبابه في إكماله للمسلمين دينه، واستقامة سنته فيهم، وظهور شرائعه عليهم، قد أبان لهم موبقات الأعمال، ومفظعات الذنوب، ومهبطات الأوزار، وظلم الشبهات، وما يدعو إليه نقصان الأديان، وتستويهم به الغوايات وأوضح لهم أعلام الحق، ومنازل المراشد، وطرق الهدى، وأبواب النجاة، ومعالق العصمة، غير مدخر لهم نصحا، ولا مبتغ في إرشادهم غنما.
فكان مما قدم إليهم فيه نهيه، وأعلمهم سوء عاقبته، وحذرهم أمره، وأوعز إليهم ناهيا وواعظا وزاجرا، الاعتكاف على هذه التماثيل من الشطرنج والمواصلة عليها، لما في ذلك من عظيم الإثم، وموبق الوزر، مع مشغلتها عن طلب المعاش، وإضرارها بالعقول، ومنعها من حضور الصلوات في مواقيتها مع جميع المسلمين.
وقد بلغ أمير المؤمنين أن أناسا ممن قبلك من أهل الإسلام، قد ألهجهم الشيطان بها، وجمعهم عليها، وألف بينهم فيها، فهم معتكفون عليها، من لدن مصبحهم إلى مماسهم، ملهية لهم عن الصلوات، شاغلة لهم عما أمروا به من القيام بسنن دينهم، وما افترض عليهم من شرائع أعمالهم، مع مداعبتهم فيها، وسوء لفظهم عليها، وأن ذلك من فعلهم ظاهر في الأندية والمجالس، غير منكر ولا معيب، ولا مستفظع عند أهل الفقه، وذوي الورع والأديان والأسنان منهم، فأكبر أمير المؤمنين ذلك وأعظمه، وكرهه واستكبره، وعلم أن الشيطان عندما يئس من بلوغ إرادته في معاصي الله عز وجل، بمقر المسلمين ومجمعهم صراحا وجهارا، أقدم
Page 46