Princes de l'Éloquence
أمراء البيان
[109_2]
بزمانه الذي هو فيه، وبصره للناس، وأخذه بالقسط، وإرشاده المسترشد، وحسن مخالفته خلطاءه، وتسويته بين قلبه ولسانه، وتحرية الأمر في كل أمر، ورحب ذرعه فيما نابه، واحتجاجه بالحجيج فيما عمل، وحسن تبصره. من أراد أن يبصر شيئا من علم الآخرة فبالعلم الذي به يعرف ذلك، ومن أراد أن يبصر شيئا من علم الدنيا فبالأشياء التي هي تدل عليه.
6 - وفي تأصل الكذب في الإنسان قال: رأس الذنوب الكذب هو يؤسسها وهو يتفقدها ويثبتها، ويتلون ثلاثة ألوان: بالأمنية والجحود والجدل، يبدأ صاحبه بالأمنية الكاذبة فيما يزين من السوآت فيشجعه عليها بان ذلك سيخفى، فإذا ظهر عليه قابله بالجحود والمكابرة؛ فإنه أعياه ذلك ختم بالجدل فخاصم عن الباطل، ووضع له الحجيج والتمس به التثبيت، وكابر الحق حتى يكون مسارعا للضلالة، ومكابرا بالفواحش.
7 - ومن محكم تصريحاته قوله: لا يثبت دين المرء على حالة واحدة أبدا، ولكنه لا يزال إما زائدا وإما ناقصا. السعيد يرغبه الله في الآخرة، حتى يقول لا شيء غيرها، فإذا هضم دنياه وزهد فيها لآخرته، لم يحرمه الله بذلك نصيبه من الدنيا، ولم ينقصه من سروره فيها، والشقي يرغبه الشيطان في الدنيا، حتى يقول لا شيء غيرها، فيعجل الله له التنغيص في الدنيا التي آثر مع الخزي الذي يلقاه بعدها.
8 - وفي معرفة صلحاء الوقت والحث على الاستشارة قوله: اعرف أهل الدين والمروءة في كل كورة وقرية وقبيلة، فيكونوا هم إخوانك وأعوانك وبطانتك وثقاتك، ولا يقذفن في روعك أنك إذا استشرت الرجال فظهرت للناس منك الحاجة إلى رأي غيرك، فإنك لست تريد الرأي للذكر والسمعة ولكنما تريده للانتفاء به، ولو أنك مع ذلك أردت السمعة والذكر لكان أحسن الذاكرين وأفضلهما
Page 109