Princes de l'Éloquence
أمراء البيان
[106_2]
جوز المنصور قتل بريء، كتب ما كتب حرصا على مصلحة من يكتب له، واله يقول ولا يضار كاتب ولا شهيد وما عدم الساسة حجة يتوكئون عليها، أو تأويلا يأتيهم به المنافقون لقتل من استهدفوا لغضبهم، والمنصور على ما فيه من عقل ودهاء، عجز عن إقناع أهله بأن يكتبوا إلا ما أرادوا في أمان أحدهم، فانتقم من رجل لا قوة له غير قلمه، ومن رجل شريف ما تجوز في خيانتة من يتولى عنه، وأبت ذمته أن يكتب لهم عهد أمان ضعيف القيود، يدخل المنصور متى أراد من أحد شقوقه، فينقضه ويهلك من يحاول إهلاكه.
والمنصور يعرف مكانه ابن المقفع من العلم، يعرفه مما ترجمه له من كتب الحكماء، ويعرف شهرته المستفيضة في أرجاء مملكته الواسعة؛ وليس عبد الله بالرجل الذي يجهل موقعه، والمنصور يعرف أن ابن المقفع، والدولة في شبابها، زينة مملكته، وما كان يحسنه من فنون الحكمة والأدب لا يحسنه سواه، ولكن هو الاستبداد يعمي البصر، وحظوظ النفس تعمي البصيرة، والمتبد أبدا محتقب أوزارا، قد تعود عليه بأقبح سمعة وشنعة؛ ومن أجل هذا تحامي كثير من العقلاء التقرب من الملوك المستبدين، لأنهم إذا قالوا فعلوا.
- -
- -
شعبة من كلامه:
يحار من يحاول الاختبار من هذا القليل الذي عفت عنه القرون من كلام ابن المقفع. وبحسبنا أن نقتبس شيئا من حكمه في الأدب الصغير واليتيمية، ثم نتبعه بجمل نختارها من كليلة ودمنة، ثم بطائفة من رسائله يجدر بطالب البلاغة أن يترواها وبتدبيرها، وكان الأجدى أن لا نتكلف الاختيار من كلام كله در مختار.
1 - من ذلك قوله في معنى الانتفاع بالكلام النافع: ومن أخذ كلاما حسنا عن
Page 106