Ulum al-Hadith wa Mustalah
علوم الحديث ومصطلحه
Maison d'édition
دار العلم للملايين
Numéro d'édition
الخامسة عشر
Année de publication
١٩٨٤ م
Lieu d'édition
بيروت - لبنان
Genres
ونحوه، واللهو بآلات الطرب، فأمرهما أشد. قَالَ شُعْبَةُ بْنُ الحَجَّاجِ: «لَقِيتُ نَاجِيَةَ الَّذِي رَوَى عَنْهُ أَبُو إِسْحَاقَ فَرَأَيْتُهُ يَلْعَبُ بِالشِّطْرَنْجِ فَتَرَكْتُهُ فَلَمْ أَكْتُبْ عَنْهُ، ثُمَّ كَتَبْتُ عَنْ رَجُلٍ عَنْهُ»، وَقَالَ شُعْبَةُ أَيْضًا: «أَتَيْتُ مَنْزِلَ الْمِنْهَالِ بْنِ عَمْرٍو فَسَمِعْتُ فِيهِ صَوْتَ الطُّنْبُورِ، فَرَجَعْتُ. فَهَلاَّ سَأَلْتُ؟ عَسَى أَنْ لاَ يَعْلَمُ هُوَ» (١).
والمعروف في كتب الجرح والتعديل أن مُؤَلِّفِيهَا قَلَّمَا يتعرضون لبيان أسباب الجرح، بل يقتصرون على مجرد قولهم: «فلان ضعيف، وفلان ليس بشيء، وفلان متروك، ونحو ذلك». والناس مع ذلك يُعَوِّلُونَ عليها في رَدِّ حديث الرواة. غير أن التحقيق العلمي الدقيق في موضوع هذه الكتب أثبت أن فائدتها ليست في اعتمادها للحكم بالجرح، بل في إثارة الرِّيبَةِ حول من جَرَّحُوهُ والتوقف في أمره. فلا يقبل حديثه إلا إذا انزاحت هذه الرِّيبَةُ عنه وحصلت الثقة به (٢).
وهذه الشدة المتناهية، والورع الزائد، والدقة البالغة، كلها أثر من شعور النقاد بقيمة المَرْوِيِّ، فما هو بالكلام العادي، ولا بالأشعار والخطب والقصص وإنما هو دين لا يؤخذ إلا بالنقل الأمين، والسماع الصحيح. قال محمد بن سيرين: «إِنَّ هَذَا [الْعِلْمَ] دِينٌ، فَانْظُرُوا مِمَّنْ تَأْخُذُونَ دِينِكُمْ» (٣). ورفع بعضهم حديثًا إلى رسول الله ﷺ بهذا المعنى، فَعَنِ ابْنِ عُمَرَ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ أَنَّهُ قَالَ: «يَا ابْنَ عُمَرَ دِينُكَ دِينُكَ، إِنَّمَا هُوَ لَحْمُكَ وَدَمُكَ، فَانْظُرْ عَمَّنْ تَأْخُذُ،
(١) " الكفاية ": ص ١١١، ١١٢. (٢) " التدريب ": ص ١١١. (٣) " الجامع لأخلاق الراوي ": ١/ ١٥ وجه ٢.
1 / 134