دريني خشبة
مقدمة
هذه هي الملحمة الثانية - بعد الإلياذة - لشاعر الخلود هوميروس كما عربها وأعاد صياغتها دريني خشبة.
أجمع النقاد على أن «الأوديسة» أكثر عمقا ونبلا ورقة من سابقتها «الإلياذة»، وأجمعوا على أنها ملحمة الفضائل الحضارية - فضائل الوفاء والإيمان والأسرة والفن - بعكس الإلياذة التي كانت ملحمة فضائل البداوة وحياة الخشونة، وقالوا: إن «الأوديسة» تشيع فيها روح أنثوية رقيقة عذبة مستمدة من «بنلوب» زوجة البطل الوفية، ومن الربة «مينرفا» ربة الحكمة وحارسة أوديسيوس ومسددة خطاه.
والأوديسة هي قصة عودة البطل الإغريقي أوديسيوس أو أوليسيز، بعد سقوط طروادة، إلى وطنه ومملكته «إيثاكا»، لقد نسي البطل أن يقدم القرابين للآلهة بعد الانتصار وقبل إبحاره إلى وطنه، وفي الطريق وأثناء دفاعه عن نفسه وعن رجاله أوقع الأذى البالغ بأحد أبناء رب البحار نبتيون، فكان أن طارده الإله في البحر، وحكم عليه بالنفي لمدة عشر سنوات، ولم يستطع أن يعود إلى دياره إلا بعد أن نزل إلى العالم الآخر؛ لكي يستعلم من حكماء الموتى عن طريق العودة، وفي إيثاكا واجه البطل عشاق زوجته الذين حاولوا إجبارها على الزواج من أحدهم، فأبادهم جميعا قبل أن يكشف عن شخصيته ويستقر في بيته بين زوجته وولده.
وقد اعتمد دريني خشبة في صياغته العربية على نفس الترجمات الإنجليزية التي اعتمد عليها في صياغة «الإلياذة»، وقد ذكرناها في مقدمة الملحمة الأولى التي صدرت في روايات الهلال في أكتوبر سنة 1969م، وهي ترجمة «جورج تشابمان» في القرن السابع عشر، وترجمة «وليام كاوبر» في القرن الثامن عشر، وترجمة «ألكسندر بوب» في القرن الثامن عشر أيضا، وترجمة «وليام إيرل أوف دربي» في القرن التاسع عشر.
كذلك اعتمد دريني خشبة في ترجمته للأوديسة على نفس الأسلوب الذي اعتمد عليه في ترجمة الإلياذة، فقد حافظ بأمانة على الأحداث الروائية وروح النص، وإن كان قد أعاد بناء الأحداث وترتيبها لتناسب ذوق القارئ الحديث، وهو نفس الأسلوب الذي اعتمد عليه المترجمون الإنجليز وخاصة «جورج تشابمان».
بين مينرفا وتليماك
أنشد يا هوميروس!
وظل في فم الأبد قيثارته المرنة، ونايه المطرب، وعوده الآن، ونغمته الحلوة الحنون.
Page inconnue