وقضى ملكهم وزعيمهم نوزيتوس، ثم استوى على العرش من بعد ألكينوس، حبيب الآلهة، وصفي السماء. •••
كانت الأميرة الحسناء - نوزيكا - ابنة ألكينوس الملك تغط كالملاك في نوم عميق بين وصيفتين رائعتين من وصيفاتها فوق سرير وثير في مخدعها الملكي الفاخر.
وكان رتاج الباب محكما كأنه باب الجنة، ولكن ذلك لم يقف بسبيل ربة الحكمة مينرفا التي خطرت إلى الداخل كنسمة نادية من نسمات الصباح، ووقفت لدى رأس ابنة الملك تزخرف لها هذا الحلم الفضي الجميل، وكأنما تبدو لها في المنام في صورة صديقتها وأعز أترابها ابنة إيماس الكريم. «نوزيكا! يا ويح لك أيتها النئوم المكسال، أهكذا تهملين ملابسك وأنت موشكة أن تزفي إلى عروسك، وعليها يتوقف مظهرك ومنظرك ورواؤك وراء حاشيتك ووصيفاتك، كما يتوقف عليها زهو أبويك بين الناس، انهضي مع الفلق
17
فاذهبي بمطارفك إلى المغتسل عند ضفة النهر فاغسليها وأعديها ليوم زفافك، يوم تودعين مرح هذا الشباب الخالي. هلمي! إني سأعاونك، أنت يا ساحرة ألباب الشباب الخالي الفياشيين، سلي أباك أن يرسل لك عربة وبغالا تحمل ثيابك ومطارفك إلى عدوة النهر حيث لا شاهد ولا رقيب.»
وانفلتت مينرفا ذات العينين الزبرجديتين، ورقت أسباب السماء حتى كانت فوق ذروة الأولمب؛ حيث السكون والهدوء والصمت، وحيث مستقر الآلهة، وحيث لا تعصف ريح ولا يتلبد سحاب ولا تدمع عين مطر، وحيث السماء لازوردية صافية إلى الأبد. •••
وخطرت أورورا فوق عرش المشرق، وأرسلت من لدنها أمينا من رسل النور يداعب جفني نوزيكا، فهبت وحلمها الجميل لما يفتأ يساور رأسها الصغير، وهرعت من فورها تبحث عن أبويها تقص عليهما أنباء ما رأت، وقد ألفت أمها لدى المدفأ منكبة على غزل من صوف أرجواني موشى بصبغ بحري، ومن حولها وصيفات يساعدنها، ثم لقيت أباها يكاد يذهب ليترأس مجلس شيوخ المملكة، فاستوقفته وكلمته في العربة، واحتجت بملابس إخوتها الخمسة الذين يستحيون أن يراقصوا العذارى في الحفلات بملابس لا تليق بأبناء الملوك، وعقد الخجل لسانها فلم تذكر مطارف زواجها وشفوف زفافها، ولم يبخل أبوها بما طلبت، بل أمر لها بعربة كبيرة عتيدة ودواب، وزودتها أمها بأشربات وآكال وطيوب ومروخ.
18
واستوت مع وصيفاتها في العربة، وساطت البغال فانطلقت تطوي الرحب إلى النهر حيث وقفت عند منعرج يترقرق فيه بلور الماء متدفقا من نبع قريب، وسرحت الدواب لترعى العشب الحلو النامي على حفافي الماء، ثم أخذن في غسل المطارف ونشرها فوق حصباء الشاطئ الذي طمه المد ونضحه الجزر، واغتسلن بعد ذلك وتضمخن وجلسن على شفا النهر يتبلغن بلقمات، ثم نهضن فتلاعبن بالأكر، وتغنت ابنة الملك أعذب الأغاني، وتثنت كما تتثنى ديانا في شعاف الجبال وفي يدها القوس والترس، تصيد الخنازير في أريمانت، ومن حولها ربرب من عذارى الآلهة، ابنة لاتونا
19
Page inconnue