العشاق يرقصون وتيليماخوس ينام
انبرى العشاق الآن إلى الرقص وإلى الغناء المرح، وانغمسوا في سرورهم منتظرين مجيء المساء، وبينما هم في مرحهم، إذ حل عليهم المساء الداجي، وعندئذ انصرف كل رجل إلى بيته، ليستريح. أما تيليماخوس، فلما كان مخدعه مشيدا في الساحة الجميلة، في مكان مرتفع يطل على موضع فسيح، فقد ذهب إلى هناك، إلى فراشه، يفكر في جملة أمور شغل بها عقله، وذهبت معه يوروكليا
Eurycleia
34
المخلصة، ابنة أوبس
Ops ، ابن بايسينور
، تحمل مشعلا مضيئا. وكان لايرتيس قد اشتراها بأمواله منذ أمد بعيد، وكانت وقتذاك في مقتبل شبابها، فدفع فيها ما يعادل عشرين ثورا، ويجلها تماما في الساحات كما يبجل زوجته المخلصة، ولكنه لم يضطجع معها قط في حب؛ إذ كان يتحاشى غضب زوجته. كانت هذه هي التي تحمل المشاعل المضيئة لتيليماخوس؛ إذ كانت من دون سائر الإماء، تحبه حبا جما، وكانت تخدمه منذ أن كان طفلا. فتح أبواب مخدعه المتين البناء، وجلس على سريره، وخلع عنه عبايته الناعمة، ووضعها في يدي السيدة العجوز الحكيمة، فطوت هذه العباءة، ومرت عليها بيديها، وعلقتها على مشجب بجانب السرير المثبت بالحبال،
35
ثم خرجت من الحجرة، وأغلقت الباب وراءها بأن جذبته من مقبضه الفضي، ودفعت المزلاج إلى موضعه بالسير، فبات الليل بطوله هناك، وهو ملتف بجرة من الصوف، يفكر في عقله، في الرحلة التي رسمتها له أثينا.
الأنشودة الثانية
Page inconnue