Les écrivains arabes à l'époque préislamique et au début de l'islam
أدباء العرب في الجاهلية وصدر الإسلام
Genres
وذكر أن حرب البسوس دامت أربعين سنة، وأن آخر من قتل فيها جساس قتله ابن أخته الهجرس بن كليب. وقيل: إن الملك المنذر والد عمرو بن هند ملك العراق هو الذي أصلح بين الفريقين بعد موت المهلهل. (2-4) آثاره
أشعار متفرقة في كتب الأدب كلها في رثاء أخيه كليب وتوعد قاتليه، وقد نحله القصاصون ديوان شعر ورواية تعرف «بقصة الزير» فيهما من ركيك العبارة، وسخيف النظم، وضعف التأليف ما يتبرأ منه المهلهل. (2-5) ميزته - الرثاء
نسب إلى المهلهل شعر في الغزل ولكنه قليل، وفي الأغاني أنه أول من استعمل الغزل في الشعر، غير أن ميزته الشعرية ليست في غزله؛ بل في رثائه وتفجعه على أخيه، في رقة عاطفته التي أكسبت شعره سهولة ولينا حتى ليدهشنا أن نجدها في شاعر جاهلي قديم عاش هو والشنفرى في عصر واحد بعدما رأينا ما في شعر هذا البدوي الخشن من متانة وشدة أسر. فكيف تمت الرقة لأحدهما ولزمت الخشونة الآخر؟
ولكي نجيب على ذلك يجدر بنا أن ندرس نشأة الاثنين، والبيئة التي عاشا فيها، وما رافق حياتهما من المؤثرات الخارجية. فالشنفرى عرفناه لصا صعلوكا يعيش مع الوحوش في الغابات والبراري بعدما طرده قومه، يشن الغارات في الليالي المظلمة الباردة، فيفتك وينهب، فلا بدع أن يكون شعره مرآة لحياته الخشنة. أما المهلهل فقد نشأ في بيت كريم النجار له السيادة على قبائل معد كلها، فانصرف إلى اللهو والطرب ومعاشرة النساء، ومعاقرة الخمر شأن الأمراء أمثاله. فليس من عجب أن تلين طباعه وترق عاطفته. ثم قتل أخوه كليب وما أخوه إلا عز بني تغلب ومجدهم، فاستولى عليه الحزن والجزع فسالت عاطفته على شعره فجاء رقيقا مهلهلا.
وهناك نظرة عامة لا نرى بدا من الإشارة إليها؛ وهي أن أكثر شعراء ربيعة لا يخلو شعرهم من لين وسهولة، ولعل قربهم من أمصار العراق والسواحل البحرية أكسبهم هذه الرقة، وليس من ينكر تأثير الإقليم في النفوس، فابن الساحل أرق طباعا من ابن الجبل، والساكن في المدن أو على مقربة منها ألين عاطفة ممن يعيش بعيدا عنها، ونحن نعلم أن أطراف جزيرة العرب المتاخمة للعراق والشام والحبش كانت في العصر الجاهلي أكثر حضارة من غيرها، ومن المعقول أن تؤثر هذه الحضارة في نفوس شعرائها فترق عواطفهم وترق معها ألفاظهم.
ومن فاسد الرأي أن نحصر رقة العاطفة في عصر دون آخر، فهي تعيش مع العصور كلها، وتكون في البدوي كما تكون في الحضري، وقد نجدها في شاعر يعيش في البادية ولا نجدها في آخر يعيش في الأمصار، ورب شاعرين يعيشان في عصر واحد وإقليم واحد، ترى في شعر أحدهما رقة وفي شعر الآخر خشونة، كجرير والفرزدق الشاعرين الأمويين، فالفرزدق في شعره لا يقل شدة وأسرا عن أخشن شاعر في الجاهلية، على حين أن جريرا ألين منه شعرا وأرق غزلا وعاطفة، وأي وجه للشبه بين شعر أبي نواس وشعر أبي تمام، وكلاهما عاش في العصر العباسي، وكلاهما اتصل بالخلفاء وحظي عندهم، فكان شعر أبي نواس رقيقا لينا، وشعر أبي تمام متينا خشنا مع أن الثاني جاء متأخرا عن الأول.
فأما وقد عرفنا ذلك فلا نعجب إذا قرأنا شعرا رقيقا في الجاهلية؛ بل ينبغي أن ندرس العوامل التي أثرت في نفس الشاعر فمنحته الرقة والسهولة. وقد عرفنا العوامل التي أثرت في نفس المهلهل فأرقت عاطفته وهلهلت شعره، فإذا هو يسمعنا في رثاء أخيه شبيه الماء سلاسة وعذوبة، مثال ذلك رائيته الحسناء التي قالها بعد أن دفن أخاه وأقام على قبره يرثيه:
أهاج قذاء عيني الاذكار؟
هدوءا فالدموع لها انحدار
5
Page inconnue