Les écrivains arabes à l'époque préislamique et au début de l'islam

Butrus Bustani d. 1300 AH
168

Les écrivains arabes à l'époque préislamique et au début de l'islam

أدباء العرب في الجاهلية وصدر الإسلام

Genres

أن لا أريد من النساء سواها

وغزل الشاعر في عبلة - لا مشاحة - أفضل غزل قاله؛ لأنه يمثل حرمانه ولوعته وتظلمه، ويبدو أثر العراك العنيف بين حبه وسواد لونه وضعة نسبه. فعبلة لم ترافق عنترة في شعره الغزلي وحده؛ بل رافقته في فخره وحماسته وذكر حروبه، فإنما هو يفتخر ويغامر من أجلها. وإذا لم يكن لديه من جمال الصورة وكرم المحتد ما يشفع به إليها، أفلا يسعى لإرضائها بوصف شجاعته وجوده وعفته، وذكر وقائعه ومشاهده، حتى إذا ذكر لها في مجلس تستطيع أن ترفع رأسها به؟

فبمثل هذا الشعر يبدع عنترة؛ لأنه يصور نفسيته أبلغ تصوير، ويعطينا طرازا فاخرا من غزل الفرسان، وكيف تجتمع ألفاظ الحب بألفاظ الحرب. فنراه يعرض معاركه على عبلة لتشهد مواقفه في مبارزة الأبطال أو مزاحفة الجيوش. ويصف لها الفارس الذي يبارزه، فإذا هو بطل تتحاماه الأبطال خشية لقائه، وكريم طيب المحتد من أولئك البيض الأحرار الذين يفاخرونه بأصلهم ونسبهم، فيظهر بذلك فضله في التغلب عليه، وهو العبد المغموز النسب.

ويصف معاركه، فإذا هي ملاحم تتشابك فيها الأبطال شاكية هولها بغماغم لا تفهم. وبنو عبس يتقون به رماح الأعداء فما يرتد عنها، وإن ضاقت عليه فسحة الأقدام. والأعداء تلهج باسمه مشرعة رماحها إلى صدر جواده. فإذا هو ركن المعركة وقوامها وحجر رحاها وثفالها. وفي المعلقة وصف ملحمي جميل لهذه المعارك التي يعرضها عنترة أمام عبلة صورا سريعة تبدو فيها بطولته بارزة الخطوط والألوان، ويبدو فيها كفاحه - على قوته - بين الحب والحرب صورة لمأساته الغرامية التي مثلتها القصة على مسرحها، وأغفلها الرواة والمؤرخون. (6-10) منزلته

اتضحت لنا ميزة الشاعر الفارس، بما فيها من ألم ومرارة، وعرفنا طرقه في استرضاء عبلة، وفي فخره وحماسته ووصف وقائعه، والدفاع عن نسبه، والرد على معيريه، ولا ينبغي لنا أن نغفل عن تلك العذوبة التي نتذوقها في شعره فإنه رقيق على غير ضعف، سهل العبارة على غير إسفاف، ولا نعجب لوجود هذه الرقة في شعر عبد أسود خشن العيش، هائل المنظر، بل يجب أن ننظر إلى أخلاقه الحسنة، وتأثير الحب فيها، فإنما شعره صورة لنفسه.

ولعنترة منزلة عالية في الشعر، كما له منزلة عالية في الفروسية، وهو من الشعراء الذين يتنازع الرواة فيهم التقديم والتأخير. فقد روى الأصمعي عن ابن أبي طرفة قوله: «كفاك من الشعراء أربعة: زهير إذا رغب،

126

والنابغة إذا رهب،

127

والأعشى إذا طرب،

Page inconnue