Les écrivains arabes à l'époque préislamique et au début de l'islam
أدباء العرب في الجاهلية وصدر الإسلام
Genres
وامتازت لغته بالروعة الفنية، فكانت خير صلة بينه وبين قارئه، تؤدي ألفاظه مهمتها في التعبير عن حالته التي يحسها ويتصورها، وفي الإيحاء الذي يحمل القارئ إلى دنيا الشاعر فيجعل حاله كحاله مستمتعا بمتعته، وهذا حد الفن في الأدب، فالشاعر الذي تعجز ألفاظه عن تأدية فكرته وإحساسه وخياله، يسقط أدبه؛ لأن قيمة الأدب بنقله إلى القارئ، وطبيعي ليس إلى أي قارئ كان، وإنما نريد به من حصلت له ملكة التذوق الأدبي.
ففي شعر امرئ القيس من الانسجام والائتلاف اللفظي ما يبعث منه أجراسا موسيقية تتناولها الأذن بلذة، فتدفعها إلى النفس بما فيها من ألوان وتصور وشعور. وقد تكون لغته الشعرية مألوفة الاستعمال تعبر بحقيقة معاني ألفاظها تعبيرا قويا عن حالته النفسية كقوله:
قفا نبك من ذكرى حبيب ومنزل ... ... ... ...
وقد تكون غير مألوفة الاستعمال يخلقها الشاعر خلقا، ويعطي ألفاظها معاني رمزية مجازية، فيها من قوة الإيحاء ما تعجز الألفاظ الحقيقية أن تقوم به فيما لو أريد التعبير بها عن هذه الفكرة في قوله:
فقلت له لما تمطى بصلبه
وأردف أعجازا وناء بكلكل
والأجراس الموسيقية تقوم إما على ألفاظ مفردة «يغط غطيط البكر» أو على انسجام التركيب كمطلعه «قفا نبك» أو على تداعي الحروف والحركات «مكر مفر مقبل مدبر معا» تدفعها جميعا تموجات تطول وتقصر بحسب الحالة التي تستدعيها. فالتموجات القصيرة في «مكر مفر» ملائمة كل الملائمة لسرعة الجواد في عدوه، والتموجات الطويلة في قوله:
وليل كموج البحر أرخى سدوله
علي بأنواع الهموم ليبتلي
يتطلبها طول الليل، وهذا النفس الممتد الذي يقصر عنه البحر الطويل.
Page inconnue