Les écrivains arabes à l'époque abbasside
أدباء العرب في الأعصر العباسية
Genres
وعلى الجملة فليس في أخلاق دعبل ما يستحق الحمد والثناء، فهو عصارة اللؤم المصفى.
آثاره
لم يشهر دعبل في الشعر إلا بعد أن اكتمل شبابه واتصل بالرشيد، فأجازه وحرضه على القول. وأما الشعر الذي نظمه في صباه فإن أستاذه مسلم بن الوليد لم ير فيه خيرا؛ فأمره بكتمه، فكتمه ولم يظهره.
ولكن دعبلا عمر طويلا، ونظم شعرا كثيرا، فقد روى الجاحظ أنه سمعه يقول: «مكثت نحو ستين سنة ليس من يوم ذر شارقه إلا وأنا أقول فيه شعرا.» غير أن هذا الشعر ضاع، ولم يبق منه إلا بعض قصائد ومقطعات مبثوثة في كتب الأدب، وأكثرها في الهجاء، ومدح آل البيت. ولعل إقذاعه في هجو الخلفاء العباسيين كان السبب في ضياع شعره، وإخمال ذكره؛ لأن الناس أهملوه بعد موته تهيبا لبني العباس، فلم يرووا شعره ولم يجمعوه. (10-2) ميزته
لا نبتغي دراسة عامة لشعر دعبل وقد ضاع أكثره، على أن ما بقي منه كاف لأن يظهر لنا الخصائص التي اشتهر بها هذا الشاعر، ألا وهي الهجاء المقذع والمتاجرة به، والعصبية القحطانية، والتشيع لأبناء علي.
هجوه وتكسبه
كان دعبل يحب التكسب كغيره من شعراء العصر العباسي، وأوتي من خبث اللسان ولؤم الطباع ما جعله عند الناس بغيضا مقيتا؛ فابتعدوا عنه، ونفروا منه، وتمنوا هلاكه، حتى إن ممدوحيه كانوا يجيزونه قطعا للسانه لا حبا له، فلم يسبغوا عليه وافر النعم، ولا أغنوه من فقر؛ فانقلب عليهم وهجاهم، وقدر له أن يعيش هاربا خائفا متواريا لإفراطه في هجاء الخلفاء والأمراء، فلم يطمئن به مضجع ولا رحب به مصر؛ فاشتدت نقمته على الناس، وازداد كرها لهم، وأبت نفسه الخبيثة أن تأنس برؤية من يصنع المعروف معها، فتمنت هلاكه لئلا تضطر إلى مجاملته والتودد إليه، ووافق هواها شتم الناس، فرأت أن الهجاء المقذع آخذ بضبع الشاعر من المديح المضرع. وهذه النظرية سبق بشار إليها فاختطها دعبل من بعده، وكان مسلم بن الوليد يقول بها، ولكنه لم يؤيدها كما أيدها تلميذه؛ لأنه لم يكن مثله لئيما دنيئا، ولم يكن يكره الناس.
واعتماد دعبل على الهجاء في التكسب جعله يهيئه قبل أن يجد المهجو، فإذا استحقه أحد أتحفه به، وذكر اسمه وشهره. وأكثر الذين هجاهم من أمراء ووزراء وقواد - كابن الزيات، ومالك بن طوق، والفضل بن مروان، وغيرهم - كانوا من ممدوحيه، فلم يرضه عطاؤهم فنقم عليهم.
ولم يسلم من شره أنسباؤه وأصدقاؤه والمتشيعون مثله؛ فقد هجا آل طاهر بن الحسين الخزاعي مع شدة ميله إليهم، وكثرة افتخاره بهم، وقصد مصر؛ فمدح أميرها المطلب بن عبد الله بن مالك - وهو قريب له - فأجازه، وولاه أسوان. وحدث أن رجلا من العلويين كان قد تحرك بطنجة، وأخذ يبث دعاته إلى مصر؛ فخافه المطلب؛ فوكل بالأبواب من يمنع الغرباء دخولها، فجاء دعبل فمنع؛ فأغلظ للذي منعه، فقنعه هذا بالسوط وحبسه، ثم عرف المطلب بالأمر فأطلقه وخلع عليه، فقال له: «لا أرضى أو تقتل الموكل بالباب.» فقال له: «هذا لا يمكن لأنه قائد من قواد السلطان.» فغضب دعبل وهجاه جاحدا قرابته وفضله عليه.
وبلغ المطلب هجاؤه إياه فعزله عن أسوان؛ فراح يفحش فيه القول ويوجع عرضه.
Page inconnue