292

Les écrivains arabes à l'époque abbasside

أدباء العرب في الأعصر العباسية

Genres

32

الخليفة الفاطمي ليشغل بها الناس عن ريبة وقعت في قصر الخلافة، فجعلوا يلهجون بها. وقيل بل جمعت لتستثير الحماسة في صدر الشعب المترف المتخاذل. والآخر ابن الصائغ الجزري من رجال القرن السادس للهجرة (القرن الثاني عشر للمسيح). وأما نسبتها إلى الأصمعي فلا يبعد أن يكون لها بعض الصحة من قبل رواية حوادثها التاريخية، وشعرها الثابت، لا من قبل جمعها وتصنيفها. وهذه القصة أبدع القصص الحماسية، وأجمع ما يكون لمكارم الأخلاق. وفيها تصوير لا بأس به للأشخاص. (4-2) ألف ليلة وليلة

هي حكايات متتابعة، مأخوذة من أصل فارسي في كتاب اسمه هزار افسان، ومعناه ألف خرافة، ولا يعرف مصنف هذا الكتاب، ولا ناقله إلى العربية. قال فيه صاحب الفهرست: «ويحتوي على ألف ليلة، وعلى دون المائتي سمر؛ لأن السمر ربما حدث به في عدة ليال، وقد رأيته بتمامه دفعات. وهو بالحقيقة كتاب غث بارد الحديث.» فمن هذا القول نعلم أن أصل ألف ليلة لم يكن بذي خطر، ولكن أدباء العرب رفعوا قدره بما أدخلوا عليه من التحسين، وعفوا على أصله الفارسي بما بدلوا فيه، وزادوا عليه.

وليس هذا الكتاب عمل رجل واحد أو عصر واحد، وإنما شأنه شأن سيرة عنترة، فقد ظل العرب يشتغلون بتصنيفه حتى أواسط عصر الانحطاط، فلذلك تجد فيه أخبارا عن المماليك، وشعرا لشعراء متأخرين.

وتمتاز ألف ليلة وليلة في غرائب حوادثها، وخيالها العجيب، وفيها أدب كثير ومجون كثير، وفيها سخط على الظلم والارهاق، وتمثيل لحياة المسلمين وحكامهم في العصور الخالية. (4-3) منزلة القصص

ومما يجدر ذكره أن أكثر القصص التي ألفها العرب قصيرة. وأما ما طال منها فينقصه التحام الأفكار ووحدة الموضوع، فسيرة عنترة مثلا وهي أكبر القصص العربية، لا تجد في أجزائها ارتباطا محكما؛ إذ بوسعك أن تسقط من أخبارها جانبا عظيما دون أن تحدث خللا فيها. ويرجع ذلك على أن حوادثها غير متينة الالتحام في ائتلافها وتسلسلها، واتجاهها إلى الفكرة العامة، وأن نتائجها لا تتعلق بمقدماتها تعلقا كليا كما هي الحال في القصص الغربية الراقية، فيتعذر الاستغناء عن شيء منها. ولا نتهم مخيلة العربي من أجل هذا النقص، فإن من يقرأ عنترة وألف ليلة وليلة يقع على خيال قوي في انطلاقه، مدهش في صوره وألوانه، غير أن صاحبه مترجرج السير، قصير النفس، كثير الانتقال، مختلط التفكير، فارغ الصبر، لا يترسم خطة إلا ضاق بها ذرعا، ونكص عنها قبل أن يستتمها، ومضى يتفرج منها بسواها؛ لذلك آثر القصة القصيرة على الطويلة، وإذا أطالها سرد الحوادث المختلفة دون أن يعنى بوحدتها وربط أجزائها، فجاءت قصته ضعيفة الفن، غثة الأسلوب، باردة التأليف. ولا ريب أن تواطؤ الكتاب على القصة الواحدة في أعصر متفاوتة اللغة والخيال والتفكير، كان له أثر سيئ فيها؛ إذ إنه زادها اضطرابا، وأوسعها فسادا، فلهذه الأسباب لم تأتنا قصة راقية الفن عن العرب ، وإنما جاءنا حكايات ومقامات ونوادر وأحاديث. (5) العلوم

بلغ التفكير الإسلامي حده الأقصى، ونضجت العلوم، وصنفت الكتب في مختلف الفنون والأغراض، فكتب ابن جني أبحاثا فلسفية في أصول النحو، واشتقاقات اللغة، وأحكام حروف الهجاء وما يصيبها من إعلال وقلب وإبدال. ووضعت المعاجم اللغوية الكبيرة كتهذيب اللغة للأزهري، والمحيط للصاحب بن عباد، والمجمل لابن فارس، والصحاح للجوهري. وظهر علم الفهرست في كتاب ابن النديم.

ونهضت العلوم الطبيعية والرياضية، فقد أدخل ابن الهيثم البصري أساليب جديدة على الجبر والحساب، وطابق بين أحكام الهندسة والمنطق. وتقدم الطب وكثر أصحابه. وشاعت الصيدلة، واخترعت الأدوية، وأصبحت الكيمياء علما ثابتا. ودخلت عليها المركبات المستحدثة كماء الفضة، وروح النشادر، والسليماني، وملح البارود، والبوتاس، وغير ذلك. وألفت الكتب النفيسة في علم النجوم، وترقى الأسطرلاب، وشرع العلماء يرحلون لمراقبة الخسوف والكسوف.

وازدهرت الفلسفة الإسلامية، واستقلت عن الفلسفة اليونانية بميزة توفيقية خاصة، ونبغ الفلاسفة الكبار، كابن سينا وإخوان الصفاء.

وكثرت التواريخ الخصوصية بتكاثر الدولات، ولكن فن التاريخ لم يتقدم؛ لأن المؤرخين لبثوا يسردون الأخبار عارية من النقد والتمحيص. وأما الجغرافيا فكانت مختلطة بالتاريخ غير منفصلة عنه، وقد زادت مادتها بفضل الرحلات، فأضيف إليها جهات جديدة، منها في أواسط أفريقية، ومنها في داخل آسيا، ومنها جزر في المحيط الهندي، وشاع رسم الخرائط. وكان المسعودي أشهر من اشتغل بالتاريخ والجغرافيا، وعانى الأسفار الطوال بسببهما، ومن آثاره فيهما كتابه الموسوم بمروج الذهب. (6) الأدب والأدباء

Page inconnue