Les écrivains arabes à l'époque abbasside
أدباء العرب في الأعصر العباسية
Genres
ولا يخلو الأدب الصغير من ضرب المثل، ولكن أمثاله قصيرة لا تشبه أمثال كليلة ودمنة التي ساقها مساق النوادر والأقاصيص.
الأدب الكبير
لا يتناول ابن المقفع موضوع كتابه إلا بعد أن يذكر الأسلاف، ويعظم ما تركوا للخلف من علوم. ويريد بهؤلاء الأسلاف الأمم الأعجمية، وإليهم يشير بقوله: «إن الرجل منهم كان يفتح له الباب من العلم، والكلمة من الصواب، وهو بالبلد غير المأهول، فيكتبه على الصخور مبادرة منه للأجل، وكراهية لأن يسقط
23
ذلك على من بعده.» ثم يعترف أنه أخذ لكتابه هذا من أقوال المتقدمين.
والأدب الكبير قسمان؛ قسم يتكلم به على السلطان والمتصلين به، وقسم يتكلم به على الصديق. ويستهل القسم الأول بقوله: «وأنا واعظك في أشياء من الأخلاق اللطيفة إلخ.» ثم يأخذ في نصح السلطان، فيوصيه وصايا حسنة تتناول سياسته للعمال والرعية، وما ينبغي له أن يتحلى به من الخصال الحميدة؛ فمن جملة نصائحه له أن لا يزيد من ساعات شهوته ودعته، وينقص من ساعات عمله وتعبه، وأن لا يعرف بحب المدح، وأن يتحلى بثلاث خصال: رضى ربه، ورضى سلطانه إن كان فوقه سلطان، ورضى صالح من يلي عليه. وأن يتخذ بطانته من أهل الدين والمروءة، وأن لا يأنف من المشورة؛ لأنه يطلب الرأي للانتفاع به لا للافتخار به.
ويوصيه أن لا يعاجل بالثواب ولا بالعقاب؛ فإن ذلك أدوم لخوف الخائف ورجاء الراجي، وأن يصبر على أهل العقل والسن والمروءة دون غيرهم، وينهاه عن الحسد والغضب والحلف.
ويوصيه بتفقد فاقة الأحرار ليسدها، وطغيان السفلة ليقمعه، ويريد بذلك أن يكون الوالي يقظا متنبها لجميع أحوال رعيته.
ثم ينتقل إلى الكلام على المتصلين بالسلطان فيعطيهم نصائح تتعلق بسياستهم معه. وفيها أشياء كثيرة اعتمد عليها بعده الفارابي وابن سينا في كلامهما على سياسة المرءوس لرؤسائه؛ فمنها هرب المرءوس من صحبة وال لا يريد صلاح رعيته؛ لئلا يهلك في دينه إذا صحبه، وفي دنياه إذا صحب الرعية وأغضبه، ومنها مداراة الوالي والنظر إلى ما يحب وما يكره، ومنها تزيين رأي الولاة وقلة استقباح ما يصنعون، وغير ذلك من النصائح التي تختص بمصاحبة الملوك في زمن كان الملك فيه ظل الله على الأرض؛ فلا بدع أن تصطبغ هذه النصائح بألوان العبودية والخنوع، وإن كان ابن المقفع قد أراد بها إظهار استبداد أولي الأمر، والتنفير من مصاحبتهم. ونعتقد أن أبا جعفر المنصور لم يكن راضيا عنها؛ لما فيها من ذم للسلطان.
وأما القسم الثاني فقد خصه بالصديق، وابن المقفع - كما علمت - عظيم المودة والوفاء للأصدقاء، ويستهله بقوله: «ابذل لصديقك دمك ومالك.» ومن وصاياه في مخالقة الصديق أن لا ينتحل الإنسان رأي صديقه لئلا يثير سخطه عليه، وأن لا يشارك محدثا في حديث يعرفه؛ فإن في ذلك خفة وسوء أدب وسخفا، وأن يحسن الاستماع ويخفض الصوت عند الكلام ، ولا يسفه أقوال جلسائه، وأن لا يذمن اسما من الأسماء لعله موافق هوى بعض خلطائه.
Page inconnue