Les écrivains arabes à l'époque abbasside
أدباء العرب في الأعصر العباسية
Genres
أساتذته وعلومه
لم يعرف من أستاذي ابن المقفع إلا واحد ذكره ابن النديم، وهو أبو الجاموس ثور بن يزيد، وكان أعرابيا يفد البصرة على آل سليمان بن علي، وعنه أخذ ابن المقفع الفصاحة.
ونشأ ابن المقفع في البصرة على ما ينشأ عليه أبناء اليسار، فعني والده بتعليمه وتقويم لسانه على الكلام الفصيح؛ فبرع في العربية والفارسية، وتضلع من آدابهما، واطلع على حكمة اليونان في الكتب التي ترجمت إلى لغة الفرس زمن كسرى أنوشروان، فجمع بين ثقافتي العرب والعجم.
وأوتي ابن المقفع من الذكاء ما جعله واحد زمانه في بلاغته وعلمه، وقد قال فيه ابن سلام: «سمعت مشايخنا يقولون: لم يكن للعرب بعد الصحابة أذكى من الخليل بن أحمد ولا أجمع، ولا كان في العجم أذكى من ابن المقفع ولا أجمع.»
18
وعده ابن النديم أحد بلغاء الناس العشرة، وذكره في مقدمتهم، وأقر له الجاحظ بالتقدم فقال: «ومن المعلمين ثم البلغاء المتقدمين عبد الله بن المقفع، كان مقدما في بلاغة اللسان والقلم والترجمة، واختراع المعاني، وابتداع السير، وكان إذا شاء أن يقول الشعر قاله.»
آثاره
كان عصر ابن المقفع عصر نقل في أكثره؛ لرغبة أولي الأمر في الاطلاع على علوم الأعاجم والاستفادة منها، وكان ابن المقفع مالكا ناصيتي العربية والفارسية؛ فأحب أن يري العرب آداب قومه، ويتقرب بها إلى ذوي السلطان؛ فأكب على النقل، فأتحف العربية بطائفة من الكتب النفيسة، ولم يصل إلينا إلا بعضها، فكان أعظم شاهد على جلالتها.
وليس لابن المقفع من الكتب إلا ما هو منقول من الفارسية، فله فيه فضل المترجم البارع، لا فضل المؤلف المخترع، ولذلك كان الخليل بن أحمد يقول فيه: «علمه أكثر من عقله.»
على أن هذا القول لا يعني أن ابن المقفع كان ضعيف التوليد، فهو - كما علمت - أذكى أعجمي عرفته العرب، ولكنه كان مفتونا بآداب قومه وعلومهم، فصرف همته إلى نقلها ليبهر العرب بها، على أنه لم يتقيد بأصول الكتب التي ترجمها، بل تصرف فيها فزاد عليها أشياء وأنقص منها أشياء، وكان الذي زاده من توليده واختراعه.
Page inconnue