Les voies judiciaires dans la politique légale

Ibn Qayyim al-Jawziyya d. 751 AH
51

Les voies judiciaires dans la politique légale

الطرق الحكمية في السياسة الشرعية

Maison d'édition

مكتبة دار البيان

Numéro d'édition

بدون طبعة وبدون تاريخ

أَنْ لَيْسَ عَلَى الْمُسْتَكْرَهِ حَدٌّ. ثُمَّ سَاقَ حَدِيثَ عَلْقَمَةَ بْنِ وَائِلٍ عَنْ أَبِيهِ مِنْ طَرِيقِ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى النَّيْسَابُورِيِّ عَنْ الْفِرْيَابِيِّ عَنْ سِمَاكٍ عَنْهُ: وَلَفْظُهُ: «أَنَّ امْرَأَةً خَرَجَتْ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ تُرِيدُ الصَّلَاةَ فَتَلَقَّاهَا رَجُلٌ فَتَجَلَّلَهَا، فَقَضَى حَاجَتَهُ مِنْهَا. فَصَاحَتْ، فَانْطَلَقَ. وَمَرَّ عَلَيْهَا رَجُلٌ، فَقَالَتْ: إنَّ ذَاكَ الرَّجُلَ فَعَلَ بِي كَذَا وَكَذَا. وَمَرَّتْ بِعِصَابَةٍ مِنْ الْمُهَاجِرِينَ، فَقَالَتْ: إنَّ ذَاكَ الرَّجُلَ فَعَلَ بِي كَذَا وَكَذَا، فَانْطَلَقُوا فَأَخَذُوا الرَّجُلَ الَّذِي ظَنَّتْ أَنَّهُ وَقَعَ عَلَيْهَا. فَأَتَوْهَا بِهِ، فَقَالَتْ: نَعَمْ هُوَ هَذَا، فَأَتَوْا بِهِ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ فَلَمَّا أَمَرَ بِهِ لِيُرْجَمَ قَامَ صَاحِبُهَا الَّذِي وَقَعَ عَلَيْهَا، فَقَالَ، يَا رَسُولَ اللَّهِ: أَنَا صَاحِبُهَا. فَقَالَ لَهَا: اذْهَبِي فَقَدْ غَفَرَ اللَّهُ لَك. وَقَالَ لِلرَّجُلِ قَوْلًا حَسَنًا: وَقَالَ لِلَّذِي وَقَعَ عَلَيْهَا: اُرْجُمُوهُ. وَقَالَ: لَقَدْ تَابَ تَوْبَةً لَوْ تَابَهَا أَهْلُ الْمَدِينَةِ لَقَبِلَ اللَّهُ مِنْهُمْ» . وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ: هَذَا حَدِيثٌ غَرِيبٌ. وَفِي نُسْخَةٍ صَحِيحٌ وَعَلْقَمَةُ بْنُ وَائِلِ بْنِ حُجْرٍ سَمِعَ مِنْ أَبِيهِ. وَهُوَ أَكْبَرُ مِنْ عَبْدِ الْجَبَّارِ بْنِ وَائِلٍ. وَعَبْدُ الْجَبَّارِ لَمْ يَسْمَعْ مِنْ أَبِيهِ. قُلْت: هَذَا الْحَدِيثُ إسْنَادُهُ عَلَى شَرْطِ مُسْلِمٍ، وَلَعَلَّهُ تَرَكَهُ لِهَذَا الِاضْطِرَابِ الَّذِي وَقَعَ فِي مَتْنِهِ. وَالْحَدِيثُ يَدُورُ عَلَى سِمَاكٍ. وَقَدْ اخْتَلَفَتْ الرِّوَايَةُ فِي رَجْمِ الْمُعْتَرِفِ، فَقَالَ أَسْبَاطُ بْنُ نَصْرٍ عَنْ سِمَاكٍ: " فَأَبَى أَنْ يَرْجُمَهُ " وَرِوَايَةُ أَحْمَدَ وَأَبِي دَاوُد ظَاهِرَةٌ فِي ذَلِكَ. وَرِوَايَةُ التِّرْمِذِيِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى صَرِيحَةٌ فِي أَنَّهُ رَجَمَهُ. وَهَذَا الِاضْطِرَابُ: إمَّا مِنْ سِمَاكٍ - وَهُوَ الظَّاهِرُ - وَإِمَّا مِمَّنْ هُوَ دُونَهُ. وَالْأَشْبَهُ: أَنَّهُ لَمْ يَرْجُمْهُ، كَمَا رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالنَّسَائِيِّ وَأَبُو دَاوُد. وَلَمْ يَذْكُرُوا غَيْرَ ذَلِكَ، وَرُوَاتُهُ حَفِظُوا: " أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ سُئِلَ رَجْمَهُ فَأَبَى، وَقَالَ: لَا " وَاَلَّذِي قَالَ: " إنَّهُ أَمَرَ بِرَجْمِهِ " إمَّا أَنْ يَكُونَ جَرَى عَلَى الْمُعْتَادِ، وَإِمَّا أَنْ يَكُونَ اشْتَبَهَ عَلَيْهِ أَمْرُهُ بِرَجْمِ الَّذِي جَاءُوا بِهِ أَوَّلًا، فَوَهَمَ، وَقَالَ: إنَّهُ أَمَرَ بِرَجْمِ الْمُعْتَرِفِ. وَأَيْضًا فَاَلَّذِينَ رَجَمَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ فِي الزِّنَا مَضْبُوطُونَ مَعْدُودُونَ، وَقِصَصُهُمْ مَحْفُوظَةٌ مَعْرُوفَةٌ. وَهُمْ سِتَّةُ نَفَرٍ: الْغَامِدِيَّةُ، وَمَاعِزٌ، وَصَاحِبَةُ الْعَسِيفِ، وَالْيَهُودِيَّانِ. وَالظَّاهِرُ: أَنَّ رَاوِيَ الرَّجْمِ فِي هَذِهِ الْقِصَّةِ اسْتَبْعَدَ أَنْ يَكُونَ قَدْ اعْتَرَفَ بِالزِّنَا بَيْنَ يَدَيْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ وَلَمْ يَرْجُمْهُ وَعَلِمَ أَنَّ مِنْ هَدْيِهِ: رَجْمَ الزَّانِي. فَقَالَ: " وَأَمَرَ بِرَجْمِهِ "، فَإِنْ قِيلَ: فَحَدِيثُ عَبْدِ الْجَبَّارِ بْنِ وَائِلٍ عَنْ أَبِيهِ، الظَّاهِرُ أَنَّهُ فِي هَذِهِ الْقِصَّةِ، وَقَدْ ذُكِرَ " أَنَّهُ أَقَامَ الْحَدَّ عَلَى الَّذِي أَصَابَهَا ".

1 / 53