202

Les voies judiciaires dans la politique légale

الطرق الحكمية في السياسة الشرعية

Maison d'édition

مكتبة دار البيان

Numéro d'édition

بدون طبعة وبدون تاريخ

وَمِنْ الْمُنْكَرَاتِ: تَلَقِّي السِّلَعِ قَبْلَ أَنْ تَجِيءَ إلَى السُّوقِ، فَإِنَّ النَّبِيَّ ﷺ نَهَى عَنْ ذَلِكَ، لِمَا فِيهِ مِنْ تَغْرِيرِ الْبَائِعِ، فَإِنَّهُ لَا يَعْرِفُ السِّعْرَ، فَيَشْتَرِي مِنْهُ الْمُشْتَرِي بِدُونِ الْقِيمَةِ، وَلِذَلِكَ أَثْبَتَ لَهُ النَّبِيُّ ﷺ الْخِيَارَ إذَا دَخَلَ إلَى السُّوقِ، وَلَا نِزَاعَ فِي ثُبُوتِ الْخِيَارِ لَهُ مَعَ الْغَبْنِ.
وَأَمَّا ثُبُوتُهُ بِلَا غَبْنٍ: فَفِيهِ عَنْ أَحْمَدَ رِوَايَتَانِ: إحْدَاهُمَا: يَثْبُتُ، وَهُوَ قَوْلُ، الشَّافِعِيِّ، لِظَاهِرِ الْحَدِيثِ.
وَالثَّانِيَةُ: لَا يَثْبُتُ لِعَدَمِ الْغَبْنِ، وَلِذَلِكَ ثَبَتَ الْخِيَارُ لِلْمُشْتَرِي الْمُسْتَرْسِلِ إذَا غَبَنَ، وَفِي الْحَدِيثِ «غَبْنُ الْمُسْتَرْسِلِ رِبًا» وَفِي تَفْسِيرِهِ قَوْلَانِ، أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ الَّذِي لَا يَعْرِفُ قِيمَةَ السِّلْعَةِ.
وَالثَّانِي - وَهُوَ الْمَنْصُوصُ عَنْ أَحْمَدَ - أَنَّهُ الَّذِي لَا يُمَاكِسُ، بَلْ يَسْتَرْسِلُ إلَى الْبَائِعِ، وَيَقُولُ: أَعْطِنِي هَذَا. وَلَيْسَ لِأَهْلِ السُّوقِ أَنْ يَبِيعُوا الْمُمَاكِسَ بِسِعْرٍ، وَيَبِيعُوا الْمُسْتَرْسِلَ بِغَيْرِهِ، وَهَذَا مِمَّا يَجِبُ عَلَى وَالِي الْحِسْبَةِ إنْكَارُهُ، وَهَذَا بِمَنْزِلَةِ تَلَقِّي السِّلَعِ، فَإِنَّ الْقَادِمَ جَاهِلٌ بِالسِّعْرِ.
وَمِنْ هَذَا: تَلَقِّي سُوقَةِ الْحَجِيجِ الْجَلْبَ مِنْ الطَّرِيقِ، وَسَبَقُهُمْ إلَى الْمَنَازِلِ يَشْتَرُونَ الطَّعَامَ وَالْعَلَفَ، ثُمَّ يَبِيعُونَهُ كَمَا يُرِيدُونَ، فَيَمْنَعُهُمْ وَالِي الْحِسْبَةِ مِنْ التَّقَدُّمِ لِذَلِكَ، حَتَّى يَقْدَمَ الرَّكْبُ،
لِمَا فِي ذَلِكَ مِنْ مَصْلَحَةِ الرَّكْبِ
، وَمَصْلَحَةِ الْجَالِبِ، وَمَتَى اشْتَرَوْا شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ مَنَعَهُمْ مِنْ بَيْعِهِ بِالْغَبْنِ الْفَاحِشِ.

1 / 204