142

Les voies judiciaires dans la politique légale

الطرق الحكمية في السياسة الشرعية

Maison d'édition

مكتبة دار البيان

Numéro d'édition

بدون طبعة وبدون تاريخ

مُبْتَلًى بِرِقِّ الْغَيْرِ فَهَذِهِ الْبَلْوَى لَا تَمْنَعُ قَبُولَ الشَّهَادَةِ، بَلْ هِيَ مِمَّا يَرْفَعُ اللَّهُ بِهَا دَرَجَةَ الْعَبْدِ، وَيُضَاعِفُ لَهُ بِهَا الْأَجْرَ.
فَهَذِهِ الْحُجَجُ كَمَا تَرَاهَا مِنْ الضَّعْفِ وَالْوَهْنِ، وَإِذَا قَابَلْت بَيْنَهَا وَبَيْنَ حُجَجِ الْقَائِلِينَ بِشَهَادَتِهِ لَمْ يَخْفَ عَلَيْكَ الصَّوَابُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
[فَصَلِّ الطَّرِيقُ الْخَامِسَ عَشَرَ فِي الْحُكْمِ بِشَهَادَةِ الصَّبِيَّانِ المميزين]
٧٧ - (فَصْلٌ)
الطَّرِيقُ الْخَامِسَ عَشَرَ الْحُكْمُ بِشَهَادَةِ الصِّبْيَانِ الْمُمَيِّزِينَ:
وَهَذَا مَوْضِعٌ اخْتَلَفَ فِيهِ النَّاسُ، فَرَدَّتْهَا طَائِفَةٌ مُطْلَقًا، وَهَذَا قَوْلُ الشَّافِعِيِّ وَأَبِي حَنِيفَةَ، وَأَحْمَدَ فِي إحْدَى الرِّوَايَاتِ عَنْهُ، وَعَنْهُ رِوَايَةٌ ثَانِيَةٌ: أَنَّ شَهَادَةَ الصَّبِيِّ الْمُمَيِّزِ مَقْبُولَةٌ إذَا وُجِدَتْ فِيهِ بَقِيَّةُ الشُّرُوطِ، وَعَنْهُ رِوَايَةٌ ثَالِثَةٌ: أَنَّهَا تُقْبَلُ فِي جِرَاحِ بَعْضِهِمْ بَعْضًا، إذَا أَدُّوهَا قَبْلَ تَفَرُّقِهِمْ، وَهَذَا قَوْلُ مَالِكٍ.
قَالَ ابْنُ حَزْمٍ: صَحَّ عَنْ ابْنِ الزُّبَيْرِ، أَنَّهُ قَالَ: " إذَا جِيءَ بِهِمْ عِنْدَ الْمُصِيبَةِ جَازَتْ شَهَادَتُهُمْ " قَالَ ابْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ: فَأَخَذَ الْقُضَاةُ بِقَوْلِ ابْنِ الزُّبَيْرِ.
وَقَالَ قَتَادَةُ عَنْ الْحَسَنِ قَالَ: قَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ ﵁: شَهَادَةُ الصَّبِيِّ عَلَى الصَّبِيِّ جَائِزَةٌ، وَشَهَادَةُ الْعَبْدِ عَلَى الْعَبْدِ جَائِزَةٌ ".
وَقَالَ مُعَاوِيَةُ: " شَهَادَةُ الصِّبْيَانِ عَلَى الصِّبْيَانِ جَائِزَةٌ، مَا لَمْ يَدْخُلُوا الْبُيُوتَ فَيَعْلَمُوا " وَعَنْ عَلِيٍّ مِثْلُهُ أَيْضًا.
وَقَالَ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ: حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ حَبِيبِ بْنُ أَبِي ثَابِتٍ، عَنْ الشَّعْبِيِّ، عَنْ مَسْرُوقٍ: " أَنَّ سِتَّةَ غِلْمَانٍ ذَهَبُوا يَسْبَحُونَ، فَغَرِقَ أَحَدُهُمْ، فَشَهِدَ ثَلَاثَةٌ عَلَى اثْنَيْنِ: أَنَّهُمَا أَغْرَقَاهُ، وَشَهِدَ اثْنَانِ عَلَى ثَلَاثَةٍ: أَنَّهُمْ أَغْرَقُوهُ، فَقَضَى عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ عَلَى الثَّلَاثَةِ بِخُمُسَيْ الدِّيَةِ، وَعَلَى الِاثْنَيْنِ بِثَلَاثَةِ أَخْمَاسِهَا ".
وَقَالَ الثَّوْرِيُّ: عَنْ فِرَاسٍ، عَنْ الشَّعْبِيِّ، عَنْ مَسْرُوقٍ: " أَنَّ ثَلَاثَةَ غِلْمَانٍ شَهِدُوا عَلَى أَرْبَعَةٍ، وَشَهِدَ الْأَرْبَعَةُ عَلَى الثَّلَاثَةِ، فَجَعَلَ مَسْرُوقٌ عَلَى الْأَرْبَعَةِ ثَلَاثَةَ أَسْبَاعِ الدِّيَةِ، وَعَلَى الثَّلَاثَةِ أَرْبَعَةَ أَسْبَاعِ الدِّيَةِ ".
قَالَ أَبُو الزِّنَادِ: " السُّنَّةُ أَنْ يُؤْخَذَ فِي شَهَادَةِ الصِّبْيَانِ بِقَوْلِهِمْ فِي الْجِرَاحِ مَعَ أَيْمَانِ الْمُدَّعِينَ ".
وَأَجَازَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ ﵁ شَهَادَةَ الصِّبْيَانِ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ فِي الْجِرَاحِ الْمُتَقَارِبَةِ، فَإِذَا بَلَغَتْ النُّفُوسُ قَضَى بِشَهَادَتِهِمْ مَعَ أَيْمَانِ الطَّالِبِينَ.
وَقَالَ رَبِيعَةُ: تُقْبَلُ شَهَادَةُ بَعْضِهِمْ عَلَى بَعْضٍ، مَا لَمْ يَتَفَرَّقُوا.

1 / 144